الترك والديلم وسألونا مثل ذلك لأجبناهم فكيف وهم من آل محمّد !! فأجابوهم إلى ذلك (١).
ليلة عاشوراء :
ولمّا تكلّم الإمام الحسين يوم العاشر وخاطب أصحابه وأذن لهم بتركه بالتفصيل الذي مرّ في ترجمة زهير بن القين ، قام قمر بني هاشم فقال : لا أرانا الله ذلك اليوم أبداً.
قال في الناسخ : أوّل من بدأه بالكلام أخوه العبّاس ، فقال : لا والله ، لا نفعل ذلك أبداً ، وكيف يطيب لنا العيش بعدك ، ثمّ تكلّم بقيّة بني هاشم وقالوا : سبحان الله ! ماذا يقول لنا الناس ، وبماذا نجيبهم إن تركنا سيّدنا ومولانا وابن عمّنا ، قد أحاط به العدوّ كلّ يريد قتله ، وتفرّقنا من حوله ، كلّا ، لا نفعل ذلك فإنّه فعل نأنف منه ما لم نبذل في سبيلك النفس والمال والأهل والعيال ، ونلازمك حتّى نقاتل معك عدوّك حتّى تزهق أرواحنا ونذوق ما تذوقه ، ونلاقي ما تلاقيه.
قال الطبري : ولمّا اشتدّ على الحسين وأصحابه العطش دعا العبّاس بن عليّ أخاه فبعثه في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ، وبعث معهم بعشرين قربة ، فجاؤوا حتّى دنوا من الماء ليلاً استقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجملي ، فقال عمرو ابن الحجّاج الزبيدي : من الرجل ؟ [ فقال : نافع ] ، فقال : ما جاء بك ؟ قال : جئنا لنشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه ، قال : فاشرب هنيئاً ، قال : لا والله لا أشرب منه قطرة وحسين عطشان ومن ترى من أصحابه ، فقال : لا سبيل إلى سقي هؤلاء ، إنّما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء.
فلمّا دنى من أصحابه قال لرجاله : املأوا قربكم وثار إليهم عمرو بن الحجّاج
__________________
(١) اللهوف ، ص ٥٤.