للقاء هذا الحدث ، فقال : يا أمير ، إنّ أهل الشام يعدّونني بعشرة آلاف فارس ولي من الولد سبعة وإنّي مخرج إليه أحدهم ليقتله ، ثمّ أرسل إليه أولاده واحداً واحداً فكان لا يرجع إليه منهم أحد ويرسلهم الشابّ إلى جهنّم وبئس المصير ، وحينئذٍ تقدّم أبو الشعثاء إلى مبارزته وتلقّاه الشابّ بالسيف فما هو بأسرع من أن ألحقه بأولاده في أسفل درك من النار ، فلم يجرأ أحد بعد ذلك على مبارزته ، عند ذلك استدعاه أمير المؤمنين إليه ، فلمّا دنى منه ألقى النقاب عن وجهه وإذا به قمر بني هاشم أبو الفضل العبّاس أرواحنا له الفداء.
ويقول العلّامة المذكور في صدر الخبر : وصحّة هذا الخبر لا تستبعد اذ أنّ الإمام أمير المؤمنين استشهد سنة أربعين من الهجرة وحدثت واقعة الطفّ في سنة واحد وستّين منها وكان أبو الفضل برواية الخوارزمي يوم صفّين رجلاً مكتمل الرجولة ، وبعضهم يراه في الخامسة والعشرين (١).
وظهور مثل هذه الشجاعة من أبي الفضل لا موضع لإنكارها فالقاسم ابن الحسن عليهماالسلام كان له من العمر ثلاثة عشر عاماً في حرب كربلاء وبعث إلى جهنّم من جيش العدوّ خمساً وثلاثين شخصاً.
ويقول سيّدنا المعاصر في « العبّاس » أنّ الخوارزمي ذكر في مناقبه أنّ رجلاً يُدعى كريب من عسكر معاوية توجّه إلى ميدان القتال وكان من القوّة بحيث لو وضع إبهامه على السكّة لمحاها وقال : ليبرز لي عليّ بن أبي طالب ، وكان قد قتل عدداً من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، فاستدعى الإمام ولده العبّاس وكان تامّاً كاملاً من الرجال ، فأمره بالترجّل وأن يخلع ثياب نفسه ويرتدي ثياب والده
__________________
(١) الكبريت الأحمر ، تعريب وتحقيق محمّد شعاع فاخر ، ج ٢ ص ٣٠١ و ٣٠٢.