فساده فعلا إنّما هو للإخراج المستند إلى أمر المالك إلّا أنّ ذلك لا يوجب استناد التلف إليه ، وذلك لأنّه ليس يأمر بالتلف ، بل إنّما هو يطالب ماله المستلزم وصوله إليه تلفه المستتبع للضرر على الغاصب ، وذلك إنّما يكون كما إذا حمل الغاصب العين إلى بلاد نائية فطالبها مالكها فيستلزم إيصالها إليه إلى صرف المئونة ، فلا ريب أنّه لا يقال في مثل ذلك : إنّ أمر المالك ومطالبته ماله أوجب الخسارة على الغاصب ، فكذلك في ما نحن فيه.
وبالجملة ، ما دامت عين ماله باقية فللمالك مطالبتها وأخذها بخصوصيّتها أو بمرتبته منها بقدر الإمكان ، مع تدارك باقي مراتبها التالفة منها بالأرش ، ولا دليل لسقوط حقّه عنها أصلا.
وممّا ذكرنا ظهر وجه وجوب إخراج الخيوط وردّها إلى مالكها ولو لم يبق لها قيمة بعد الإخراج ، وذلك لما عرفت من أنّ ما دامت عين مال المالك موجودة فله مطالبتها ، وعلى الغاصب إيصالها إليه ، ولا موجب لخروجها عن ملكه ودخولها في ملك الغاصب.
وأمّا ما يؤدّيه الغاصب ويلزمه من الأرش أو القيمة بعد الإخراج (١) فأوّلا ؛ لا يوجب ذلك خروج عين المال الموجود فعلا عن ملك مالكه ، وأمّا أنّه لمّا يستلزم إخراجه تلف ماليّته بعد ذلك الموجب لسقوط العين عن الاحترام فأيّ ربط له بالحال الفعلي ـ وهو حال وجود الخيط في الثوب ـ فأيّ موجب لسقوط حقّه عن ماله الموجود؟
وثانيا ؛ إنّ باب الضمانات لا ربط له بباب المعاوضات ، فإنّ ما يعطيه
__________________
(١) فيما لو نقصت قيمته أو تلف رأسا ، «منه رحمهالله».