واجبا على نفسه مطلقا.
ولمّا كان ظاهر سياق القاعدة هو ملاحظة المشقّة بالنسبة إلى أحوال الغاصب العارضة على وجوده ، وهو فرع لحفظ وجوده ، فالأقوى هو الاحتمال الثاني ، مضافا إلى أنّ ما يثبت من الخارج من عادة الشرع وجوب حفظ النفوس حتّى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تقيّة في الدماء» (١) يصير قرينة على كون المراد من القاعدة هو المعنى الثاني.
أقول : وأنت خبير بأنّه لا أصل لهذه القاعدة ، وما وردت بهذا المضمون رواية ، بل هي وقعت في كلام بعض ولم يعمل بها أحد من الأساطين ، وقد طعنوا عليها عند التزام بعض بضمان الغاصب أعلى القيم تمسّكا بهذه القاعدة ، فراجع كلمات «الجواهر» وشيخنا الأنصاري (٢) قدسسرهما.
فالتحقيق في المسألة المراجعة إلى ما تقتضيه أدلّة وجوب حفظ النفس من أنّه أيّ مقدار وأيّ مقام حفظ النفس واحترامه واجب ، أما أصل اقتضائه فهو إنّما يكون فيما إذا كان الآدميّ مضطرّا ولم يكن بنحو سقط احترامه في الرتبة السابقة على اضطراره ، إمّا بإقدام نفسه فعلا كالسارق اللجوج الّذي لا يرفع اليد عن الإنسان إلّا بقتله ، أو بإقدامه سابقا ، ولو لم يكن الآن مقدّما ، أو كما إذا ارتكب عملا فاستحقّ القتل ، كمن غصب خشبة في الساحل ووصل به سفينته فأجراها في البحر فقدر المغصوب منه أخذه منه في اللجّة ، بحيث يوجب قلع خشبته من السفينة غرق نفس الغاصب.
__________________
(١) المحاسن : ١ / ٢٥٩ الحديث ٣١٠ ، وسائل الشيعة : ١٦ / ٢٣٤ الحديث ٢١٤٤٥ ، مع اختلاف.
(٢) جواهر الكلام : ٣٧ / ١٠٧ ، المكاسب : ٣ / ٢٣٠ ـ ٢٣٢.