ودعوى كون روايات النجاسة موافقة للمشهور (١) ، فاسدة ؛ إذ الشهرة في المسألة فتوائيّ ، لا من جهة الرواية.
نعم ؛ في خصوص الخفّاش وردت الرواية الّتي رواها الشيخ (٢) ، ولكنّها غير صريحة في النجاسة ، بل فيها أمر بالغسل ، مع أنّها معارضة بما هي صريحة في الطهارة ، والشهرة على النجاسة في بوله وإن كانت محقّقة ، إلّا أنّ الكلام هنا كما تقدّم ، ولم يثبت الشهرة الاستناديّة (٣).
فرع :
لا إشكال في تعميم الحكم بالنسبة إلى غير المأكول أن تكون حرمة الأكل ذاتيّا أم عرضيّا ، إنّما الكلام في أبوال غير المأكول وغائطه ممّا لا نفس له ، فإنّ دعوى انصراف غير المأكول عن مثل الحيّة والوزغة ونحوهما في محلّها ، مع أنّه لم يثبت أن يكون لأمثاله بول ، مع أنّه قد عرفت عمدة مستند نجاسة غائط غير المأكول وخرئه ؛ الإجماع ، ولا إطلاق ولا عموم له ، فلا مانع من قاعدة الطهارة ،
__________________
(١) لاحظ! جواهر الكلام : ٥ / ٢٧٧ ، المعتبر : ١ / ٤١١.
(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٨١ الحديث ٧٧٧ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤١٢ الحديث ٤٠١٨.
(٣) «كلّ شيء يطير لا بأس بخرئه وبوله» مضافا إلى عمومات أدلّة النجاسة «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» (وسائل الشيعة : ٣ / ٤٠٥ الحديث ٣٩٨٨ و ٣٩٨٩) والروايات الّتي علّق حليّة الأكل على مأكول اللحم (وسائل الشيعة : ٢٥ / ٨١ الباب ٤٠ من أبواب الأطعمة المباحة).
وأمّا قول العلّامة : إنّ الرواية الاولى الّتي استدلّ بها الآخرون فلا بدّ من تخصيصها بالخفّاش قطعا فيلحق به غيره (مختلف الشيعة : ١ / ٤٥٧) ، فلا يتمّ إلّا أن يستكشف المناط القطعيّ ، ولا بدّ من ملاحظة النسبة بين الروايتين : الموثّقة والحسنة ، ورعاية الترجيح لهما بعد العجز عن الجمع الدلاليّ بينهما ، مع أنّه بمثابة من الإمكان ، لظهور الأولى في الطير ، وكونه تمام الموضوع للحكم لا المأكول منه ، بخلاف الحسنة ، فإنّها منصرفة إلى مأكول اللحم من غير الطير ، بل هو الظاهر منها ؛ بخلاف الأولى الّتي لا يبعد دعوى الصراحة في الطير ، كما أشرنا إليه ، «منه رحمهالله».