مع بقاء المعنى بحاله كـ ( لقيتُ زيداً ولاقيته وتلاقينا ) ، فلعلّ الدعاء المسئول عنه من هذا القبيل.
[ بقي (١) ] السؤال عن النكتة في نسبة الفوت المنفي إلى علمه في العبارة دون الشيء. ولعلّه التنبيه فيها على أنه الفاعل المطلق ، وما سواه قابل مقهور بالذات فلا يحمل نسبة الفوت إلى الأشياء في العبارة ، بل المشيئة والمقدرة لله حتّى في الأُمور الإضافيّة ، فلو عكس لأوهم العكس. على أن مصحّح العكس إنّما هو كونه في مقام النفي ، وتقديم الشيء. [ و ] لعلّ النكتة في الاهتمام بيان انقهار الأشياء تحت علمه ، فإنّ قاهريّته أظهر ، والله العالم.
الثاني : أن يكون هذا من قبيل : ( خرق الثوبُ المسمارَ ) ، و: ( كسر الزجاجُ الحجرَ ) (٢).
الثالث : أن يكون « علمه » مضافاً إلى مفعوله ، وهذا على ثلاثة أوجه :
أحدها : لا يفوت شيئاً أن يعلم خالقه.
الثاني : لا يفوت شيئاً أن يدلّ على خالقه ، فكلّ الممكنات دالّة عليه وشاهدة بوحدانيّته.
الثالث : لا يفوت شيئاً الدليل على خالقه.
والفرق بينه وبين الأوّل أن الأوّل من دليل ( الأنفس )، وهذا من دليل ( الآفاق ).
الرابع : أن يكون معناه : لا يفوت شيئاً علمه. أي لا ينقطع إمداده الخلق والرزق والحياة والموت ؛ لعدم استغناء المعلول عن علّته بحال ، وعدم انقطاع الأمداد منه للموجود بالوجود والإيجاد ولوازمه الذاتية. فسبحان من لا يحويه مكان ولا شيء ، ولا يخلو منه مكان ولا شيء ، العليم بما خلق ، القائم على كلّ نفس بما كسبت ،
__________________
(١) في المخطوط : ( لفي ).
(٢) وهي قاعدة نصب الفاعل ورفع المفعول به عند أمن اللبس ، غير أنه ليس خاضعاً للقياس بل يقتصر فيه على السماع. انظر شرح ابن عقيل ٢ : ١٤٧.