تعالى ؛ إذ من البيّن أن السؤال : هل يمكن اتّصاف الواجب تعالى بصفات الإمكان؟ مع سقوطه لا ينافي عموم قدرة الله على كلّ شيء ، ولا تنسب قدرته تعالى إلى عجز.
الثاني : أن عرصة خزانة الإمكان لا تقبل مثلاً لمحمّد صلىاللهعليهوآله : وإلّا لوجد ؛ لأنّ الباري عزّ اسمه جواد مطلق ، وقادر مطلق ، وعالم مطلق ، فلا يبخل على مستحقّ بما يستحقّ ، فلو قبلت مادّة الإمكان وجوداً مثل وجود محمَّد صلىاللهعليهوآله : معه لوجد معه ، ولا يظلم ربّك أحداً ولا يكلّف شيئاً إلّا بما يقبله باختياره ، بل ما يسأله باختياره من بارئه بلسان قابليّته. وإذ لم يوجد لمحمّد صلىاللهعليهوآله : شبهٌ معه ، عُلم أن مادّة الإمكان غير قابلة له ، ولا يلزم من ذلك عجز في قدرة العليم القهّار.
ولذلك أمثلة كثيرة في الموجودات ، فالثمرة لا تظهر إلّا من الشجرة ، ولا تظهر من النواة قبل أن تكون شجرة ، لا لعجز في القدرة ، بل لعدم أطاقه النواة لذلك ، وعدم قبولها له باختيارها.
فعلى هذا يرجع السؤال إلى أنه هل يمكن اتّصاف الجواد المطلق ببخل أم لا؟ وهذا ساقط متناقض بالضرورة ، فإذا ثبت بالبرهان المتضاعف أنه لا تقبل مادّة الإمكان مثلاً لمحمّد صلىاللهعليهوآله : ثبت أنه لا تقبل أشرف منه بطريق [ أَولى (١) ].
وأيضاً لو فرض أن مادّة الإمكان تقبل أفضل منه [ للزم (٢) ] أنه صلىاللهعليهوآله ليس هو الباب الأعظم من اللهِ تعالى ، بل ما فرض هو الواسطة الكلية من الله تعالى والدليل الجامع الدلالات على الذات والصفات ، فإذا لم يكن موجوداً بالفعل لزم انسداد باب الجود ، وألّا يوجد شيء دونه في الرتبة ، وقد وجد الخلق ، فمَن وَاسطتهم وسببهم إلى الله؟ ولزم أن [ لا ] يوجد محمَّد صلىاللهعليهوآله : لأن سببه وبابه إلى الله لم يوجد ، ولم ينفتح وانقطعت السفارة من الخلق إلى الحقّ ، ولزم الفصل بين الحقّ والخلق بعدم ، ولزم بخل الجواد المطلق بأعظم جوده ، وأشدّ ما يحتاج إليه الخلق ، ولزم ألّا يوجد أقرب الخلق إلى الله.
وكلّ ذلك مستحيل بالضرورة ، ويلزمه مفاسد لا تحصى ، وألّا يعرف أحد ربّه.
__________________
(١) في المخطوط : ( أولا ).
(٢) في المخطوط : ( لازم ).