نفساً إلّا وسعها أي بما في وسعها قبوله بكمال الاختيار وكذلك جاءنا هذا النبيّ الكريم : صلىاللهعليهوآله بدعوى الرسالة العامّة ، وأقام البراهين وأظهر المعجزات الدالّة على صدق دعواه بيقين ، وهي ثابتة بالتواتر على الإجمال.
وناهيك بالقرآن العظيم الذي عجز البلغاء عن أن يأتوا بمثل آية منه ، وغير ذلك ممّا يوجب يقين صدق دعواه.
ولا أقلّ من آية توجب الشكّ في بقاء التكليف بشرع موسى : أو عيسى : عليهماالسلام إلى زمان محمَّد صلىاللهعليهوآله :
ثمّ نقول أيضاً : لا يخلو إمّا أن يكون موضوع التكليف ببعثة موسى : أو عيسى : عليهماالسلام حين قال أحدهما : إنّي رسول الله وأظهر المعجزات الدالّة على صدق دعواه ، شخصاً جزئيّاً أو أشخاصاً محصورة ، فلا ريب في قصره على ذلك ما أمكن تكليفه به ، وإن كان كلّيّاً من حيث هو كلّيّ في محصورة أو عامّة باعتبار تحقّقها بالأفراد فيرجع الحكم إلى الأفراد ، كان الحكم مصروفاً لقدر زمن أقلّها زمناً ، وإن تعلّق بالحقيقة الكلّيّة عمّ الحكم أزمان تلك الحقيقة ، وإن كان الحكم مطلقاً أي تعلّق به الحكم بعنوان الإطلاق ، لا بخصوص جزئيّة ولا كلّيّة ، عمّ الحكم أيضاً ؛ إذ لا يظهر صارف عن صرفه لأطولها استعداداً للامتداد.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنه على الكتابيّ أن يبيّن أن موضوع التكليف برسالة موسى : أو عيسى : عليهماالسلام من أي الأقسام بالدليل ، وحيث لا دليل على تعيين قسم منها لا يتمّ الاستدلال له على دعواه بالاستصحاب.
ثمّ إن قال : إن موضوع التكليف برسالة موسى : أو عيسى : عليهماالسلام شخص معيّن أو أشخاص معيّنة محصورة كان مقصوراً عليهم ، ففناؤهم وانقطاعهم يبطل احتجاجه بالاستصحاب.
وإن قال : إنه كلّيّ باعتبار تعلّقه بالأفراد ، أجبنا :
أوّلاً بمنع تكليف المعدوم وصحّة خطابه حتّى يقوم دليل على عموم إرادة تكليف