بالأشديّة والأشرفيّة والعليّة والمعلوليّة والأقربيّة لمبدإ الكلّ وغير ذلك. بل المرتبة الواحدة من مراتب قوسي البدء والعود متفاضلة الدرجات والأجزاء بأبعد ممّا بين السماء والأرض ، مع كلّ جزء ودرجة ورتبة ، لا تشاركها الأُخرى في سنخ حقيقتها ولوازمها وصفاتها وأحكامها. وكيف يشارك الظاهرَ المظهَرُ والعلّةَ المعلولُ والأصلَ والصفوةَ الفاضلُ وذا الظلّ ظلُّه؟ ومتى كانت الذات فاضل الذات ، كانت صفاتها ولوازمها وأحكامها فاضل صفاتها ولوازمها وأحكامها.
وبهذا يتبيّن أنّه يحرم حمل أحكام أحد الرتبتين على الأُخرى ، [ فحمل (١) ] أحكام العليا على ما دونها تكليف بما لا يطاق ، وحمل أحكام الدنيا على العليا يستلزم نسبة التقصير ، بل الذنب الّذي يجب الاستغفار منه ، كما دلّ عليه الاعتبار (٢) ، والأخبار.
إذا تبيّن هذا ظهر أن معنى ما أطبق عليه أهل اللسان والبيان من إثبات أسماء التفضيل ، إنّما هو على معنى أن المفهوم الذهنيّ الذي لا يأبى الشركة والانطباق على جزئيّات وإن كان بحسب ما ينسب لكلّ منها يباين الآخر فعليّةً ورتبة وغير ذلك كأعلم وأقدر وأحسن مثلاً إنّما هو على معنى أن قادريّة زيد وعالميّته مثلاً أشدّ فعلية وشرفاً وأعلى رتبة من عالميّة [ عمرو (٣) ] وقادريّته.
فالاشتراك إنّما هو باعتبار المفهوم الذهنيّ العامّ الذي منه نشأ صحّة التفضيل والاختصاص والتمايز بحسب الرتبة في نفسها نوعاً أو شخصاً ، فاشتركت في
__________________
(١) في المخطوط : ( كحمل ).
(٢) هو مقام ( حسنات الأبرار سيئات المقرّبين ) كشف الخفاء ١ : ٣٥٧ / ١١٣٧ فالنبي لمّا كان أعلى شرفاً ورتبة من بني جنسه خصّه الله بأحكام لم يخصّ بها أحداً من خلقه ، وسوّغ له ما لم يسوّغ لأحد من خلقه كوجوب صلاة الليل ، وجواز الزواج بأكثر من أربع ، فترك صلاة الليل في حقه ذنب تنزّه صلىاللهعليهوآله عن ذلك يوجب الاستغفار. انظر : تهذيب الأحكام ٢ : ٢٤٢ / ٩٥٩ ، وسائل الشيعة ٤ : ٦٨ ، أبواب أعداد الفرائض ، ب ١٦ ، ح ٦. وانظر العنوان : ١٤٦ في عبارة القاضي إلا من ظلم والعنوان : ١٣٠ من هذه الرسالة.
(٣) في المخطوط : ( زيد ).