حمله غيره ، وهو منه كنفسه ؛ فإنّ الولاية من الرسالة كالنفس بالنسبة إلى سائر القوى الإنسانيّة ، فالنفس صامتة بالنسبة إلى مرتبة اللسان مثلاً ؛ لأنّ نطقها غيب ونطقه شهادة ، و [ هي (١) ] ظاهر الرسالة ، وهي حكم ما يعمّ الجسد صامتة (٢).
فحينئذٍ يراد بال ـ عصر : [ زمن (٣) ] حكم الشريعة العامّة ، حتّى يأتي شرع ينسخها ، فيكون زمان آخر. فالزمان زمان محمَّد صلىاللهعليهوآله : منذ بعث حتّى الساعة ، فهو الناطق بذاته أبداً ، وعلي عليهالسلام : الصامت بذاته أبداً وإن جرى لخلفائه ما جرى له من ذلك ، فإنّه من اللوازم الذاتية للولاية في مقام الرسالة. ويشير إلى ذلك قوله في الحديث إنهما كانا نوراً واحداً انقسم إلى ناطق وصامت فإنّه قال « صار » ، و « صرت » ، أو « كان » و « كنت » أي بالانقسام ، فهو بحسب كونه وصيرورته كذلك.
أما نطق الوصيّ بعد الرسول صلىاللهعليهوآله : فإنّما هو حكاية نطق الرسول ، وبيان لما نطق به لا نطق الولاية في مقام الرسالة ، فإنّه مؤدٍّ عن الرسول ما أُرسل به ، ومبيّن له لمن يأتي بعده ، فلا ناطق في عصر رسالة محمَّد صلىاللهعليهوآله : وزمانها إلّا محمَّد صلىاللهعليهوآله : ولا صامت فيه إلّا وصيّه علي : وإن ورث خلفاؤه صمته فنطقهم ببيان الشريعة بعد محمّد : إنّما هو تأدية عنه لأُمّته ، ونطق محمَّد صلىاللهعليهوآله : بالرسالة حقيقةً لا بحسب مقام ولايتهم.
الثاني : أن يراد بالناطق : الإمام والحجّة بما يعمّ الرسول الناطق بروح القدس بالذات ، وبالصامت : خليفته ما دام ناطقاً ، فإذا كان في آخر عمر الأوّل انتقل روح القدس لخليفته بلا واسطة ، فكان ناطقاً وكان له خليفة صامت ، وحينئذٍ يراد بالعصر أو الزمان : زمن إمامة الأوّل بأسره. ولا بدّ أن يوجد فيه صامت يقوم مقام الناطق بعده بحجج الله ، وإلّا لصحّ أنه يموت قبل أن يوجد من يقوم بحجج الله عزّ اسمه بعده ، وهذا جارٍ حتّى في الصاحب عجّل الله فرجه ـ : فإنّه يغسّله الحسين عليهالسلام : ويقوم بعده بحجج الله ؛ إذ لا يمكن خلوّ زمن من حجّة لله.
__________________
(١) في المخطوط : ( في ).
(٢) كذا في المخطوط.
(٣) في المخطوط : ( مرّة ).