وأيضاً كانت الرباعيّة ثلاثاً ليقابل كلّ واحدة منها واحدة من الثلاثيّة ، فكان كلّ ركعة منها إجمالَ رباعيّة بأجمعها وغيبها ، وكان كلّ رباعيّة تفصيلَ ركعة منها وظاهرها.
ومن هذا يظهر وجه في وجود ثلاثيّة فيها أيضاً ؛ ولهذا أيضاً لم تقصر في السفر ، فكأنّه روعي في كلّ ركعة منها وجود رباعيّة بأسرها نوعاً فلم تقصر ؛ لما يلزم من ارتفاع الرباعيّات بأسرها. فكونها ثلاثية كالذاتيّ لها بهذا التقريب ، فلم تقبل القصر.
وأيضاً كان في الخمس رباعيّة إشارة إلى تدويرات القبضات العشر الأربع (١) التي تبلغ بها أربعين هي تمام الميقات وكماله وأوان بلوغ الأشدّ ، وعدد أيّام تخمير طينة آدم عليهالسلام : ورتبها ، وعدد أجزاء الإيمان ، « فمن أخلص لله أربعين صباحاً تفجرت من قلبه ينابيع الحكمة » (٢).
و « من أكل لقمة حراماً لم ترفع له دعوة أربعين يوماً » (٣).
وبهذا العدد تكمل التصفية ، وتستعدّ طينة نفسه لقبول الآثار الملكوتيّة.
وإشارة إلى العبادات : الصلاة والزكاة والصوم والحجّ. وإلى نقط الجهات الأربع التي بنيت عليها أركان الكعبة زادها الله شرفاً وليتطابق فيها حكاية قوسي البدء والعود ، فمبدؤها ثنائي.
وأيضاً كرّر التربيع ثلاثاً ؛ ليطابق كمال ظهور العقل والنفس والروح في الجسد. أو قل : كمال ظهور العقل وتنزّلاته في المراتب الكلّيّة : النفس ، والخيال والهيولى والصورة. أو قل : الروح ، والنفس والهيولى والجسم.
وخُصّت تلك الزيادة بالظهرين والعشاء لوقوعهم في محض النور والظهور ، ومحض الظلمة والإسرار ، وخصّ القصر بهم ؛ لأنّ المسافر من حيث هو كذلك لا يستقرّ على حال ؛ فأشبه حاله سفر الإنسان بذاته وكدحه إلى ربّه ، فإنّه من تلك الجهة دائم الحركة الجوهريّة والسير ، والنقلة في الرتب الوجوديّة ، فلا يتمّ فيه ظهور
__________________
(١) كذا في المخطوط.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٦٩ / ٣٢١ ، باختلاف.
(٣) بحار الأنوار ٦٣ : ٣١٣ / ٧.