أن يوجب عروض الوجوب ، إن كان الحلف على الفعل ، والحرمة إن كان الحلف على الترك ، وإذا كان صلىاللهعليهوآله حلف على ترك ما أحلّ الله له ، فقد حرّم ما أحلّ الله بالحلف ، وليس المراد بالتحريم تشريعه صلىاللهعليهوآله على نفسه الحرمة ، فيما شرّع الله له في الحلّية فليس له ذلك.
وقوله : ( تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ) ، أي تطلب بالتحريم رضاهن بدل من تحرم ....
وحال من فاعله ، والجملة قرينة على أنّ العتاب بالحقيقة متوجّه إليهن ، ويؤيّده قوله خطاباً لهما : ( إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ... ) (١).
أمّا قوله تعالى : ( وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) ، فإنّ الخطاب وأن كان للنبي صلىاللهعليهوآله ، إلاّ أنّ المقصود منه الأُمّة ، وهذا موجود في القرآن في آيات أُخر أيضاً.
وأمّا قوله تعالى : ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ) ، للتعرّف على تلك الآية ونظائرها لابدّ من الوقوف على الأصل المسلّم بين العقلاء ، وهو أنّ عظمة الشخصية وخطر المسؤولية متحالفان ، وربّ عمل يعدّ صدوره من شخص جرماً وخلافاً ، وفي الوقت نفسه لا يعدّ صدوره من إنسان آخر كذلك.
فالعارف بعظمة الربّ يتحمّل من المسؤولية ما لا يتحمّله غيره ، فيكون المترقّب منه غير ما يترقّب من الآخر ، ولو صدر منه ما لا يليق ، وتساهل في هذا الطريق ، يتأكّد منه الاستغفار ، وطلب المغفرة لا لصدور الذنب منه ، بل من باب قياس عمله إلى علو معرفته وعظمة مسؤوليته.
ولأجل ذلك تعدّ بعض الغفلات ، أو اقتراف المكروهات من الأوّلياء ذنباً ، إذا قيس إلى ما أعطوا من الإيمان والمعرفة ، ولو قاموا بطلب المغفرة والعفو ، فإنّما هو لأجل هذه الجهات.
____________
١ ـ التحريم : ٤.