وأقرّب لك ذلك : أنّ الحكم بعصمة الأنبياء حكم عقلي لا يتخلّف في مورد ، ولذا يجب أن تفسّر ما ورد من الشارع بما ظاهره خلاف القاعدة العقلية في العصمة إلى ما يوافقها ، ونأخذ الآية : ( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) (١) كمؤيّد ، حيث لم يتخلّف الأثر التكويني وهو الطرد من الجنّة ، مع أنّ آدم وحوّاء تابا بالاتفاق.
( حسين حبيب عبد الله ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )
س : هل الأنبياء عليهمالسلام والأئمّة عليهمالسلام ينسون أو لا ينسون؟ فهناك العديد من الآيات التي تشير للنسيان ، فهل هي تفسّر على معنى آخر؟ وإذا ممكن بعض الأمثلة.
ج : لقد ثبت بالدليل العقلي القاطع : أنّ الأنبياء عليهمالسلام ، وكذلك الأئمّة عليهمالسلام معصومون من الذنوب والخطأ والنسيان مطلقاً ، وعلى هذا لابدّ من تأويل كُلّ الآيات القرآنية التي ظاهرها يوحي بنسبة النسيان إليهم عليهمالسلام.
ومن الآيات التي ذكرت ، قوله تعالى في قصّة موسى عليهالسلام : ( قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ) (٢).
فإنّ هذه الآية قد يفهم منها للوهلة الأُولى نسبة النسيان للنبي موسى عليهالسلام ، لكن لتعارض ظاهر هذه الآية مع الدليل العقلي الجازم الذي لا يقبل الشكّ على عصمة النبيّ من النسيان ، يدفعنا إلى تأويل ظاهر هذه الآية ، إلى ما يتلائم مع الدليل العقلي.
وقد ذكر في تأويلها ما روي عن ابن عباس : بلا تؤاخذني بما تركت من عهدك ، وأوّلت أيضاً : بلا تؤاخذني بما فعلته ممّا يشبه النسيان ، فسمّاه نسياناً
____________
١ ـ طه : ١٢١.
٢ ـ الكهف : ٧٣.