وفيه أيضاً من حديث سعد بن أبي وقاص : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أقبل ذَاتَ يَوْمٍ من العَالِيَةِ حتى إذا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دخل فَرَكَعَ فيه رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْنَا معه وَدَعَا به طَوِيلاً ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا فقال صلّى الله عليه وسلّم : سَألتُ ربِّي ثلاثاً فأعْطاني ثِنْتينِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا .
وقد بوَّب النووي رحمه الله على الحديثين بقوله : « باب هلاك هذه الأمّة بعضهم ببعض » .
ولقد سبر الأعداء غور الأمة الإسلامية ، وعرفوا مجمع الاتفاق ، وفروع الاختلاف بينهم ، فاستطاعوا توظيف اختلافهم لخدمة مخططاتهم ، وإنّنا نناشد من يحمل همَّ الأمة أن يتقوا الله في أمتهم ، وأن لايكونوا معول هدم فيها ، وأن يعملوا جاهدين على أن لا تكون العراق ساحة لتجذير الخلاف والفرقة والتناحر .
رابعًا : لاشك أنّ جهاد الأعداء ركن ركين ، ومن أهم شعائر الدين ، وما أُخذ بالقوَّة لا يُستردُّ إلا بالقوة ، وقد وُجِد في المجاهدين في العراق بحمد الله مَن ضربوا أروع الأمثلة في التضحية وبذل الأنفس في سبيل الله ممّا أرعب الأعداء وكسر شوكتهم ، ونحن نقدِّر لهم ذلك وفقهم الله ، غير أنّ هناك قضايا حادثة ومستجدَّة طرأت على الساحة ؛ من إفرازات صراعنا مع عدوِّنا ، وهي بحاجة إلى تأصيل شرعي لا يمكن معرفته إلا بالرجوع إلى العلماء العاملين الربّانيين الذين هم أكثر علماً ، وأطول تجربة ، ويعرفون أصول هذه المستجدَّات ، ويعرفون واقع الصراع بيننا وبين عدونا ، فنناشد جميع المجاهدين أن يضعوا أيديهم بأيدي علمائهم ، وأن لايقطعوا أمراً دونهم ، فهل نفرح من إخواننا بيد أُلفة حانية تمتدُّ تُفَوِّت على الأعداء شماتتهم بنا ؟