النبيّ صلىاللهعليهوآله من طاعتهم في كثير من الأُمور ، فكيف يكون عادلاً من تكون طاعته مضرّة ومؤدّية إلى الهلاك وقوانينه ؟
وأخبر الله تعالى عن إخلاف بعضهم للوعد ، فيعاهد الله ثمّ لا يفي فيتحوّل إلى منافق ، وأخبر بأنّ منهم منافقون لا يعلمهم النبيّ صلىاللهعليهوآله ، كما أخبر النبيّ من أنّه لا ينجو من أصحابه يوم القيامة إلّا القليل ، مثل همل النعم .
فإذاً القرآن الكريم قد ذمّ الصحابة ، وأشار إلى أنّ هنالك عيوباً فيهم ، ومن أُولئك الصحابة أبو بكر وعمر ، وقد كادا أن يهلكا كما يقول ابن أبي مليكة ، مع أنّ أبا بكر صاحب النبيّ صلىاللهعليهوآله في الغار ، وهاجر معه ليلة الهجرة ، وزوّج ابنته وخليفته كما تزعمون .
فالصحبة الغارية لو كانت من الحصون التي تمنع من الذمّ والعتاب لما كان هنالك مبرّر لهذا التوبيخ ، وبما أنّ التوبيخ حاصل وواقع فإذاً يدلّنا القرآن على أنّ الصحبة الغارية لوحدها لا تنفع ما لم ينضمّ إليها الالتزام بالشرع .
وكذلك إذا رجعنا إلى الآثار النبوية نجد أنّها لا تجعل للصحبة وحدها منزلة ووصفاً ممدوحاً ، بل الصحابة أنفسهم ما كانوا يعتقدون بذلك أيضاً كما سنجد .
فالآثار النبوية كحديث الحوض القائل بلسان النبيّ صلىاللهعليهوآله : « يردن عليّ الحوض رجال من أصحابي فيحلؤون عنه فأقول : يا ربّ أصحابي ! فيقول : إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقري » (١) ، وفي لفظ آخر : « فلا أراه يخلص منهم إلّا مثل همل النعم » (٢) .
وكقوله صلىاللهعليهوآله : « إنّ من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه » (٣) ، ومعنى عدم رؤية النبيّ صلىاللهعليهوآله عدم دخولهم الجنّة ، وإلّا لو دخلوها لرأوه صلىاللهعليهوآله للروايات
______________________
(١) صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ ، المصنّف للصنعاني ١١ / ٤٠٦ .
(٢) صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ ، كنز العمّال ١١ / ١٣٢ .
(٣) ـ مسند أحمد ٦ / ٢٠٩ و ٢١٧ ، مسند ابن راهويه ٤ / ١٤٠ ، مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٣٦ .