التوبيخ على مجرد رفع الصوت .
وقال الله تعالى عن الوليد بن عقبة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) (١) .
وقال : ( وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ) (٢) .
وقال تعالى في حقّهم أيضاً : ( وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) (٣) .
فالله تعالى قد بيّن في هذه الآيات أنّ من الصحابة من استمتع بخلاقه كما استمتع الذين من قبله ، وأنّ بعضهم تحبط أعماله كما حبطت أعمال الأُمم الماضية ، وأنّ بعضهم يقول ما لا يفعل ، وأن هذا يعقبه مقت كبير عند الله ، وأنّهم يتثاقلون كلّما دعوا إلى الجهاد مع النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأنّهم يتّكلون على كثرتهم ويعجبون بها ، وينسون أنّ أمر النصر والهزيمة بيد الله ، وأنّهم يتنازعون ويعصون الرسول ، وبعضهم يريد الدنيا ، وأنّهم يظنّون بالله الظنونا ، ويسرّون بالمودّة إلى الكفّار ، وهذا خلاف ما أمروا به من الولاء للمؤمنين والبراءة من المشركين ، وحكم على بعضهم بالكذب ، وحكم على آخرين بأنّهم يقولون المنكر والزور ، وهدّد بعضهم بإبطال الأعمال عندما لا يتأدّبون مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ويرفعون أصواتهم فوق صوت النبيّ ، وهما الخيّران أبو بكر وعمر حتّى وصلوا إلى الهلاك .
وحكم على بعضهم بأنّهم لا يعقلون ، وعلى آخرين بالفسق ، وحذّر الله
______________________
(١) الحجرات : ٦ .
(٢) الحجرات : ٧ .
(٣) التوبة : ٧٥ ـ ٧٧ .