من
خلفه ولوا مدبرين ؛ كي
لا يسمعوها ، وهذا كافٍ في استحباب الجهر للمنفرد ، ولأنّه لا مزيّة في تخصيص
الإمام على المنفرد لعدم الفارق. وأجاب بعض الفضلاء عن احتجاج ابن الجنيد بعد
تسليم كون الأصل وجوب المخافتة ـ : ( بل قضيّة الأصل عدمه ) ، وفيه نظر يظهر
للمتأمّل ).
أقول
: هذا الجواب
موافق للصواب ، إلّا إنّه اشتمل على خلل واضطراب :
أمّا
أوّلاً ؛ فلقوله :
احتجّ ابن الجنيد ، وصوابه : احتُجّ لابن الجنيد ، لأنّ هذا الاحتجاج ليس منه نفسه
، وإنّما احتُجّ به له ، مع أنّه لا يرضى به ولا يجري على أصله الذي هو عدم وجوب
الجهر والإخفات في مواضعهما ، فكأنّ هذا الاستدلال جرى غفلةً عن حقيقة الحال ، كما
لا يخفى على مَنْ عرف الرجال بالحقّ ، لا الحقّ بالرجال.
وأمّا
ثانياً ؛ فلعدّه في
صحيح زرارة من جملة ما لا تقيّة فيه الجهر بالبسملة ، وهو ناشٍ عن محض الاستعجال
وعدم مراجعة الصحيح المذكور في تلك المحالِّ ، لأنّ هذا الصحيح مذكور في ( الكافي
) و ( التهذيب ) فقط ، وهو على ما وقفنا عليه فيهما وبالنقل منهما ليس فيه من
التعرّض للبسملة عين ولا أثر ، ولم نعثر له على خبر ، ومتنها في ( التهذيب ) و (
الكافي ) هكذا.
عن حمّاد ، عن
حريز ، عن زرارة ، قال : قلت له : في مسح الخفّين تقيّةٌ؟ فقال : « ثلاثة
لا أتّقي فيهنّ أحداً : شرب المسكر ، ومسح الخفّين ، ومتعة الحجّ » ، إلّا إنّها
في ( التهذيب ) و ( الكافي ) مضمرة على ما وقفت عليه.
إلّا إنّ شيخنا
فقيه ( الحدائق ) نقلها من ( الكافي ) متّصلة بأبي جعفر عليهالسلام ، قال بعد ذكر صحيح زرارة ، المذكور ما لفظه : ( ومثل
خبر زرارة المذكور ما رواه في ( الكافي ) أيضاً في الصحيح عن زرارة عن غير واحد ،
قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : في المسح على الخفين تقيّة؟ قال : « لا
تتّقِ في ثلاث » قلت : وما هنّ؟ قال : « شرب
الخمر ، أو قال : شرب المسكر ، والمسح على الخفّين ، ومتعة الحجّ » ) . انتهى.
ولم أقف عليها
في ( الكافي ) إلّا موافقة لما في ( التهذيب ) كما مرّ متناً وسنداً ،
__________________