قال عليهالسلام : « وأعجب من ذلك أنّ أبا [ كنف (١) ] العبدي أتاه ، فقال : إنّي طلّقت امرأتي وأنا غائب ، فوصل إليها الطلاق ، ثم راجعتها وهي في عدّتها ، وكتبت إليها فلم يصل الكتابُ حتى تزوّجت. فكتب له : إنْ كان هذا الذي تزوّجها دخل بها فهي امرأتُهُ ، وإنْ كان لم يدخل بها فهي امرأتك. وكتب له ذلك وأنا شاهدٌ ولم يشاورني ولم يسألني ، يرى استغناءه بعلمه عنّي ، فأردت أنْ أنهاه ، ثمّ قلت : ما أُبالي أنْ يفضحه الله ، ثمّ لم يُعبه الناس ، بل استحسنوه واتّخذوه سنّة وقبلوه [ منه (٢) ورأوه صواباً ؛ وذلك قضاء لا يقضي (٣) به مجنون » (٤).
ولا يخفى ما فيه من تلك المخالفات والطعون التي لا تنفعها صحّة السند مع فساد المضمون ، حتى إنّ المحدّث المجلسي قدّس سره القدّوسي نُقل عنه أنّه كتب محشّياً عليه : ( ظاهره اشتراط علم الزوجة في تحقّق الرجعة ، ولم أر به قائلاً ، ويمكن حمله على ما إذا لم تثبت بالشهود ، وهو بعيد ) (٥).
ولا يخفى على الناقد البصير ذي النظر الحديد ما هو عليه من طول الباع وسعة الاطّلاع على مواضع الخلاف والنزاع.
ومثله ما رواه الشيخ بسنده عن زيد بن عليّ ، عن آبائه ، عن عليّ عليهالسلام في رجل أظهر طلاق امرأته ، وأشهد عليه وأسرّ رجعتها ، ثمّ خرج فلمّا رجع وجدها قد تزوّجت. قال : « لا حقّ له عليها ؛ من أجل أنّه أسرّ رجعتها وأظهر طلاقها » (٦) ، لظهوره في المخالفة للأبرار والموافقة للأشرار ، وكل ما هو كذلك ساقط عن درجة الاعتبار ، فلا يخرج بها عمّا استفاض عليه إجماع أُولئك الأبدال (٧).
فتخرج المسألة حينئذ عن قالب الإشكال ، وينجلي عنها غَيْهب الإعضال ، والله العالم بحقائق الأحوال.
__________________
(١) في المخطوط : ( كيف ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٢) ] في المخطوط : ( عنه ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٣) في المصدر : لو قضى.
(٤) كتاب سُليم بن قيس ٢ : ٦٨١ ٦٨٢.
(٥) مرآة العقول ٢١ : ١٢٧ ، وعنه في الحدائق الناضرة ٢٥ : ٣٧٢.
(٦) التهذيب ٨ : ٤٤ / ١٣٦.
(٧) الخلاف ٤ : ٥٠١ ٥٠٢ / مسألة ٥ ، الخلاف ٣٢ : ١٩٩.