قاعدة الشغل ؛ لعدم جريانها في الأركان ، والسرّ أنّ نتيجة التمسّك بها إحراز المشكوك فيه من باب الاحتياط ، ولازمه أنّ المشكوك فيه إنْ كان غير مأتيٍّ به في الواقع كان ما أُتي به احتياطاً لقاعدة الشغل من جملة الأجزاء ، واقعاً في محلّه ، وإنْ كان مأتيّاً به فيه كان المأتيّ به احتياطاً محكوماً عليه بحكم ما يؤتى به في الصلاة من الأذكار والقراءة بالقربة المطلقة ، وهذا لا مانع منه بالنسبة إلى غير الأركان.
وأمّا بالنسبة إليها فيشكل التمسّك بها ؛ لأنّه على تقدير الإتيان بالركن واقعاً وعدم الاحتياج إلى المأتيِّ به من الأركان يوجب زيادة الركن وإنْ لم يقصد الجزئيّة المحقّقة به ؛ لأنّ الظاهر أنّ الإتيان بصورة الركن بقصد الاحتياط وإحراز موضوعه واقعاً كافٍ في تحقّق موضوع الزيادة على تقدير عدم الإتيان به واقعاً ، فيخالف الاحتياط من جهة أُخرى وإنْ كان مجرّد الإتيان لا بقصد الجزئيّة ولا بقصد إحراز اليقين بها غير موجب لزيادة الركن ، كما لو انحنى في الصلاة بمقدار الركوع لأجل تناول شيء من الأرض ؛ للفرق الظاهر بين الصورتين ، فتأمّل.
الثانية : أنّه على تقدير التمسّك بقاعدة الشغل لا بدّ من الإتيان بالمشكوك فيه بعنوان الاحتياط بنية القربة المطلقة ، وأمّا أصل العدم فإنّه إذا استند إليه في نفي المشكوك فيه كان كما لو قطع بعدم الإتيان به ؛ لأنّ العلم الشرعي بمنزلة العلم الوجداني. وحينئذٍ ، فيصحّ الإتيان بالمشكوك فيه بقصد الجزئيّة كحال القطع بعدم الإتيان به. هذا إنْ كان مدرك قاعدة الشغل حكم العقل بتحصيل الفراغ اليقيني من باب الإرشاد.
وأمّا إذا كان مدركها الشرع وأنّها مستفادة من قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين بالشكّ » (١) ، وأنّ هذه الرواية كما تدلّ على حجّيّة الاستصحاب وعدم جواز نقض اليقين السابق بالشكّ اللاحق كذلك تدلّ على عدم رضا الشارع في أداء التكليف المعلوم بما يحصل به احتمال الامتثال ، بأنْ يجتنب في الشبهة المحصورة مثلاً بعض
__________________
(١) التهذيب ١ : ٨ / ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ، ح ١.