فيه (١) ، والشيخ (٢) مدحه وذمّه ، فيتعارضان فيتساقطان ، فيبقى توثيق النجاشي بلا معارض. وخطّابيّته لم تثبت ؛ إذ الناقل لها ابن فضّال ، ولأنّ طريق الشيخ إلى محمّد بن علي بن محبوب صحيح ، فلا مناص عن التصحيح.
ومنها : فَهْمُ جملة من القدماء هذا المعنى ، وعملهم عليه ، وإفتاؤهم به ، كما مرّ نقله عن الشيخ حسن (٣) ، وهم أعرف من غيرهم بعرف أئمّتهم ، سيّما مع موافقة بعض المتأخّرين لهم.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنا لو تنزّلنا وسلمنا جعل ( أقرأُ ) فعلاً مضارعاً ، فلا دلالة فيه على مطلوبهم ، لأنّ مورد الرواية تبيين أحكام المأموم ، فلمّا بيّن أنّ المأموم يجزيه التسبيح في الأخيرتين ، عَرَف الراوي أنّ هنا شيئاً فوق المجزي فسأله عمّا يفعله حال كونه مأموماً لوالده عليهالسلام ، أو على فرض أنّه لو كان مؤتمّاً بمرضيٍّ ؛ لعِلْمِهِ بمواظبتهم عليهمالسلام على ما كان الفضل فيه أكثر ، وعلى ما كان أرجح وآثر ، فأخبره أنّه يقرأ الفاتحة. واحتمال كون السؤال عمّا يفعله عليهالسلام حال صلاته معهم بعيدٌ ، بل غير سديد ، مع أنّ هذا الاحتمال يسقط أصل الاستدلال.
وأمّا ثالثاً ؛ فلأن تقريبهم أنّما يتمّ على تقدير السؤال عمّا يفعله حال كونه إماماً ، والسوْقُ يأباه ، والأُسلوب يدفعه ؛ لأنّه إنّما يتمّ على جعل قوله : ( وقال : « يجزيك التسبيح في الأخيرتين » ) خبراً مستقلا ، ولا يخفى أنّ اقتطاع بعض الحديث وإفراده عن باقيه لمجرّد ظنّ الاستقلال بعيدٌ عن مذاق الأبدال ، موقعٌ للخطإ في الاستدلال ، والفصل بكلمة ( قال ) لما بين حكم الأُوليين والأخيرتين من الاختلاف لا للانتقال ، بل لو صحّ كونُ السؤال عمّا يفعله حال كونه إماماً كما يقال ، لكانت دلالته على المراد أظهر من الشمس في ساعة الراد ، وذلك بجعل ( تقول ) متضمّناً معنى ( تقرأ ) ، أو بمعناه.
__________________
(١) خلاصة الأقوال : ٣٥٥ ، وفيه : ( والوجه عندي التوقّف عمّا يرويه ؛ لتعارض الأقوال فيه ). وفي المخطوط : ( لا أتوقّف فيه ) ، وما أثبتناه موافق للمصدر.
(٢) الفهرست : ١٥٠ / ٣١٣.
(٣) انظر ص ٤٠١ هامش ٣.