الجزء بلا عكس ، فيكون اللُّغوي أعمّ تحقُّقاً من العرفي.
وفيه : أنَّه ناشئٌ من اشتباه المفهوم بالمصداق ، إذ مفهوم اللغويّ فعل ينبئ عن تعظيم المُنْعم لكونه مُنْعماً ، ومصداقه الذي هو صَرْف اللسان أو الجنان مثلاً مغايرٌ له مغايرة الكلّي لجزأيه. وما لا يحمل على الصرْف ما صدق عليه الشكر اللغوي لا مفهومه الذي هو الفعل المذكور ، فعموم مفهوم اللغوي للعرفي وحمله عليه لا يستلزم عموم ما صدق هو عليه وحمله عليه. فعليك بالتأمّل التامّ ، فإنّ هذا المقام من مزالِّ الأقلام بل الأقدام ، ومن الله الهداية وبه الاعتصام.
وبين اللغويّين العموم والخصوص من وجه ، كالحَمْدَين ؛ لعموم الحمد باعتبار المتعلّق وخصوصه باعتبار المورد ، والشكر عكسه كما مرّ في الحَمْدَين ، هذا على ما هو المشهور ، بل المجمع عليه من عموم الشكر اللغوي للموارد الثلاثة ، أمّا على ما نقله بعضُ المحشّين على ( المطوَّل ) من خصوصه بجارحة اللسان ، فالحمد اللُّغوي أعمّ منه مطلقاً ؛ لفوات وجه عموم الشكر عليه. ولكنّه ضعيفٌ لا يلتفت إليه لما سمعتَ من الكلام فيه.
وبين العرفيّين العموم المطلق كالنسبة بين الحمد اللغوي والشكر العرفي ، والثاني أخصّ مطلقاً ؛ نظراً إلى شمول تعلُّق الأوّل به تعالى وبغيره ممَّنْ اتّصف بالفضائل أو الفواضل ، واختصاص تعلّق الثاني به سبحانه ؛ لأخذه في تعريفه ، كذا قيل.
وفيه : أنّ ما وجّهوا به عموم متعلَّق الحمد اللغوي إنّما يفيد عموم المتعلَّق ، لا عموم الحمد باعتبار المتعلَّق بحيث يصدق على الشكر العرفي أنَّه حمد لغويّ.
والحقّ أنّ النسبة بينهما التباين الكلّي بحسب الحمل والصدق ، والعموم والخصوص المطلق باعتبار الوجود والتحقّق :