ويؤيّده مجيء الجواب به قصداً لمطابقة الجواب للسؤال ، فكأنه لمّا قال عليهالسلام : « يجزيك التسبيح في الأخيرتين » سأله عمّا يقرأ فيهما ؛ لكونه يسمع البسملة ولا يدري بسملة أي سورة ، أهي الفاتحة ، أم غيرها؟ فأجابه عليهالسلام بأنّه يقرأ سورة الفاتحة.
وأمّا رابعاً ؛ فلأنّ مجرّد السؤال لا يستلزم خفاء فعل الإمام ، ولا ينافي كثرة الصحبة له عليهالسلام :
أوّلاً ؛ لعدم المانع من جعل الغرض من السؤال طلب معرفة حقيقة الحال ، وأنّ قراءته عليهالسلام هل هي موافقة لمعتقده المطابق لنفس الحكم الواقعي ، أم لنوع من التقيّة ، أو غير ذلك ؛ لاختلاف الأحكام باختلاف الأشخاص والأحوال ، وتفويض أمر الشريعة لهم عليهم سلام ذي الجلال لإطلاق القول إطلاقا شائعاً ذائعاً على الرأي والاعتقاد ، لا أنّ الغرض من السؤال طلب معرفة مطلق الماهيّة ، ومطلق الإيجاد.
ويؤيّده اختلاف الإماميّة الاختلاف الكثير في حكم قراءة المأموم خلف الإمام ، كما مرّ الكلام فيه مستوفى في مقدّمة الرسالة ، وهذا ظاهر لمن أصلح الله باله.
وثانياً ؛ لأنّ كثرة الصحبة لا تستلزم معرفة الأحكام في أوّل جزء من أجزاء زمان صحبته للإمام ، وإنّما تتعدّد المعرفة بتعدّد الصحبة آناً فآناً ، ومكاناً فمكاناً ، فإنّ عمّار الذي هو جلدة بين عيني المختار (١) قد تمعّك في التيمّم كما تتمعّك الدابّة ، مع ما هو عليه من الإجلال والإعظام والصحبة للنبيّ صلىاللهعليهوآله في كلّ موطن ومقرٍّ ومقام ، وكذا داود بن النعمان الذي هو من أفاضل الرواة والأعيان قد سأل الصادق عليهالسلام عن كيفيّة التيمّم ، كما في الخبر المتضمّن لقضيّة عمّار (٢) ، واحتمال أنّ القائل : ( فقلنا له : فكيف التيمّم؟ ) هم الصحابة الحاضرون مع عمّار ، والمقول له هو الرسول صلىاللهعليهوآله ، بعيدٌ غاية البعد ، إذ لو كان كذلك لقيل : ( فقالوا ) لا : ( فقلنا ). مع أنّه أيضاً كافٍ في الردِّ.
ونرى عليّ بن جعفر مع طول صحبته لأخيه موسى عليهالسلام ، وزرارة ومحمّد بن مسلم
__________________
(١) كشف الغمّة ١ : ٢٦٠ ، البحار ٣٣ : ١٢ / ٣٧٥.
(٢) التهذيب ١ : ٢٠٧ / ٥٩٨ ، الوسائل ٣ : ٣٥٩ ، أبواب التيمّم ، ب ١١ ، ح ٤.