قال : ( فقوله عليهالسلام : « والأخيرتان تبع للأُوليين » (١) بعد حكمه بالإنصات لقراءة الإمام في الأُوليين يعطي أنّ الأخيرتين لا جهر فيهما بشيء أبداً ، وإنّما ينصت المأموم فيهما ؛ لكونه يجب عليه الإنصات في الأُوليين ، لأنّهما تابعتان لهما.
أقول والله الموفّق لارتقاء سلّم الوصول ـ : أمّا الرواية الأُولى فالجواب عنها :
أمّا أوّلاً ؛ فبما تقدّم في حكم قراءة المأموم خلف الإمام ، وهو تخييره بين القراءة والتسبيح ، وأفضليّة الأوّل ، كما ذكره الشهيد في ( شرح نكت الإرشاد ) (٢) ، وقال المحقّق الثالث الشيخ حسن نقلاً عنه ـ : ( إنّه صار إلى العمل بمضمونه جماعةٌ من قدماء الأصحاب ، ووافقهم عليه بعضُ مَنْ تأخّر ) (٣).
والتقريب فيه : ما مرّ هناك من جعل ( اقرأْ ) فعل أمر مسوقاً لبيان ما فوق المجزي ، فإنّ الإمام عليهالسلام لمّا نَهاه عن القراءة خلف الإمام في الأُوليين ، وقال : إنّه يجزيه التسبيح في الأخيرتين ، استشعر السائل أنّ هنا شيئاً فوق المجزي ، فسأل عنه ، قائلاً : أيّ شيء تفتي به غير هذا المجزي ، فأجابه بأنّه قراءة الفاتحة.
ويؤيّد هذا الوجه أُمور :
منها : مجيء بعض الأخبار بموافقته ، كصحيح سالم بن مكرّم الجمّال ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « إذا كنت إمام قومٍ فعليك أنْ تقرأ في الركعتين الأُوليين ، وعلى الذين خلفك أنْ يقولوا : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلّا الله والله أكبر ، وهم قيامٌ ، وإذا كنت في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك أنْ يقرءوا فاتحة الكتاب » (٤).
وهذه الرواية صحيحة على الأظهر ؛ إذ محمّد بن عيسى فيها وإنْ كان غير مقيّد بالعُبَيْدي إلّا إنّ رواية محمّد بن علي بن محبوب عنه قرينة على أنّه هو. والأظهر توثيقه كسالم بن مكرّم ، إذ قد جزم النجاشي (٥) بتوثيقه مرّتين ، والعلّامة قال : أتوقّف
__________________
(١) السرائر ٣ : ٥٨٥.
(٢) غاية المراد ١ : ٢١٣.
(٣) منتقى الجمان ٢ : ١٦.
(٤) التهذيب ٣ : ٢٧٥ / ٨٠٠ ، الوسائل ٨ : ٣٦٢ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ٦.
(٥) رجال النجاشي : ١٨٨ / ٥٠١.