فان قيل : كيف يكون التكيف عقابا وهو تابع للمصلحة ، ومع ذلك فهو تعريض للثواب.
قلنا : انما سماه عقوبة لان عظيم ما أتوه من المعاصي اقتضى تحريم ذلك فيه عقوبة وتعيين المصلحة وحصول اللطف ، ولولا جرمهم لما اقتضت المصلحة ذلك.
« وانا لصادقون » يعني فيما أخبر به من أن ذلك عقوبة لأوائلهم ومصلحة لمن بعدهم إلى وقت النسخ. والصحيح أن تحريم ذلك لما كان مصلحة عند هذا الاقدام منهم جاز ان نقول حرم عليهم بظلمهم ، لما روي أن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
(باب الأطعمة المحظورة)
قال الله تعالى « حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به » (١) الآية. بين تعالى في هذه الآية ما استثناه في قوله « أحلت لكم بهيمة الأنعام الا ما يتلى عليكم » (٢) فهذا مما تلاه علينا فقال سبحانه مخاطبا للمكلفين « حرمت عليكم الميتة » وهي كلما فارقته الحياة من دواب البر وطيره بغير تذكية. واستثنى النبي صلىاللهعليهوآله منها السمك الجراد فقال : ميتتان مباحتان (٣).
ثم قال تعالى « والدم » أي حرم عليكم الدم ، فقيل : انهم كانوا يجعلون الدم في المباعر ويشوونها ويأكلونها ، فأعلم الله ان الدم المسفوح ـ أي
__________________
١) سورة المائدة : ٣.
٢) سورة المائدة : ١.
٣) هذا المضمون مروى عن طريق العامة ـ انظر معجم مفهرس ألفاظ الحديث ١٦ / ٣٠١.