فان قيل : قوله « وطعامه متاعا لكم وللسيارة » يقتضي أنه أراد المصيد دون الصيد ، لان لفظة « الطعام » لا تليق الا بما ذكرناه دون المصدر.
قلنا : أولا روي عن الحسن البصري في قوله « وطعامه » أنه أراد به البر والشعير والحبوب التي تسقى بذلك ، فعلى هذا سقط السؤال. ثم لو سلمنا أن لفظة الطعام ترجع إلى لحوم ما يخرج من حيوان البحر لكان لنا أن نقول قوله « وطعامه » يقتضي أن يكون ذلك اللحم مستحقا في الشريعة لاسم الطعام ، لان ما هو محرم في الشريعة لا يسمى بالاطلاق فيه طعاما كالخنزير والميتة ، فمن ادعى في شئ مما عددنا تحريمه أنه طعام في عرف الشريعة فليدل على ذلك وانه يتعذر عليه.
(فصل)
وصيد أهل الكتاب محرم لا يحل اكله وكذلك ذبائحهم ، قال الله تعالى « ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق » (١) ، وهذا نص في موضع الخلاف ، لان من ذكرناه من الكفار لا يرون التسمية على الذبائح فرضا ولا سنة فهم لا يسمون الله عند ارسال الكلب إلى الصيد وقد أوجبه الله بقوله « واذكروا اسم الله عليه » ، وكذلك لا يسمون على ذبائحهم ، ولو سموا لكانوا مسمين لغير الله لأنهم لا يعرفون الله بكفرهم. وهذا الجملة تقتضي تحريم ذبائحهم وصيدهم.
فان قيل : هذا يقتضي أن لا يحل ذباحة الصبي لأنه غير عارف بالله.
قلنا : ظاهر الآية يقتضي ذلك ، وانما أدخلناه فيمن يجوز ذباحته بدليل ، ولان الصبي وان لم يكن عارفا فليس بكافر ولا معتقد أن الله غير مستحق للعبادة على
__________________
١) سورة الأنعام : ١٢١.