عبّاس وهو أحد علماء الصحابة أنّه قال : لم أجد في كتاب الله إلّا المسح (٢٨). وهذا من صحيح أخبارهم. وكذا نقل عن أنس (٢٩). وعن عليّ عليهالسلام بنقل الشيعة الذي ملأ الآفاق. وقد روى ذلك حيث وصف وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله. ذكر ذلك الخطابي في معالم السنن (٣٠).
قوله : فيستحيل اتّفاق الصحابة على المعاندة في ما لا غرض فيه ، قلنا : قد بيّنا أنّ الاتّفاق لم يحصل إذ كثير من الصحابة قالوا بالمسح والباقون منهم من اشتبه عليه ومنهم من اعتمده استظهارا ، ومنهم من يخيّره اجتهادا ، وكلّ هذا وإن لم يتيقّن فهو محتمل ، ومع الاحتمال يزول الاستدلال به.
على أنّه قد كان في الصحابة من يجب اتّباع مذاهبه ، ويخشى الأكثر مجاهرته (٣١) ، فيعمل هو لشبهة وآخرون للمتابعة ، ثمّ يشاهدون ذلك الطبقة الثانية ، فيحسنون الظنّ بالأولى فينتشر حتّى يظنّ إجماعا.
وقوله : الفقهاء الأربعة قائلون به. قلنا : لا حجّة في اتّفاقهم إذا خلا من الدليل.
__________________
(٢٨) قال ابن قدامة في المعني ١ ـ ١٥٠ : حكي عن ابن عباس أنه قال : ما أجد في كتاب الله إلّا غسلتين ومسحتين.
(٢٩) قال الطبري في تفسيره ٦ ـ ٨٢ : عن انس قال : نزل القرآن بالمسح والسنّة الغسل.
(٣٠) معالم السنن شرح لسنن أبي داود ألّفه أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي المتوفى سنة ٣٨٨. راجع كشف الظنون ١٠٠٥.
(٣١) في بعض النسخ : مجاهدته.