ما الذي يختار في الإرادة أهي الداعي أم أمر زائد عليه ، وهل ذلك الأمر الزائد في الشاهد فقط أم فيه وفي الغائب ، وإن كانت هي الداعي فهل تنتهي الدواعي إلى داع يخلقه الله تعالى أم لا؟ وهل إن انتهب إليه يجب الفعل عنده أم لا؟ وهل الوجوب إذا قيل به هو الذي يذهب الخصم إليه أم أمر سواه؟.
الجواب :
أمّا السؤالان الأولان فلم يتّضح لي دلالة تدلّ فيهما على نفي ولا إثبات وجميع ما ذكره الشيوخ رحمهمالله من الاستدلال على ما ذهبوا إليه معترض باعتراضات لازمة مقتضية للقدح ونحن نشير إلى الخلاف الواقع من فضلاء الكلام ونشير إلى قوى معتمدهم ونومي إلى الجواب عنه لتلوح صحّة العذر فيما اخترناه ، فنقول :
اختلف الشيوخ في ذلك فذهب الجبائيان (٨) ومن تابعهما في أنّ الإرادة أمر زائد على الداعي الخالص شاهدا وغائبا ، وذهب آخرون إلى العكس ، وفرّق أبو الحسين (٩) فجعل كون الواحد منّا مريدا زائدا على مجرّد الداعي في الشاهد خاصة ولم يثبت الإرادة ولا غيرها من الأعراض.
قال : إنّ الشكّ في كون الواحد منّا مريدا زائدا على مجرّد الداعي ظاهر الفساد ، لأنّ الإنسان عندنا يعلم في الشيء نفعا خالصا من كلّ صارف فيجد
__________________
(٨) هما أبو علي المعتزلي المتوفّى ٣٠٣ وابنه أبو هاشم المعتزلي المتوفّى ٣٢١. وجبّى قرية من قرى بغداد أو البصرة.
(٩) البصري المعتزلي المتوفّى سنة ٤٣٦.