مطلق بل معه دلالة تمنع من الفورية وهي الدلالة الناصّة على وجوب الحاضرة وأنّ أوّل وقت وجوبها دخول الوقت ، ودلالة المنطوق أولى ، فلو كان أصل الفورية رافعا لدلالة النصّ لكان ناسخا أو مخصّصا وهما على خلاف الأصل.
والجواب عن الثاني أن نقول : قوله : « الترتيب أحوط » قلنا : مسلّم. قوله :
« فيجب اعتماده » قلنا : لا نسلّم. قوله : « أنّه دافع للضرر » قلنا : لا نسلّم أن هنا ضررا ، ثمّ نقول : متى يجب دفع الضرر إذا كان معلوما أو مظنونا ، أو إذا لم يكن؟ الأوّل مسلّم وليس هاهنا ظنّ ولا علم. ثمّ نقول : الراجح أنّه لا ضرر هنا ، إذ الضرر مخالفة المشروع ، والمشروع لا بدّ من استناده إلى دلالة وإذا لم تكن على ذلك دلالة فلا ضرر بالتفريط فيه. وأمّا استدلاله على الاحتياط بالخبر فنقول : هو معارض بقوله صلىاللهعليهوآله : « الناس في سعة ما لم يعلموا » (٥١). وبقوله صلىاللهعليهوآله : « لا ضرر في الإسلام » (٥٢) وبقوله تعالى ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٥٣) والترتيب حرج والتخيير يسر وهو مراد الله تعالى. وأمّا قوله عليهالسلام : « اتركوا ما لا بأس به حذار ما بأس به » فلا نسلّم دلالته على موضع النزاع ، إذ لا يتحقّق هنا بأس بحيث ترك ما لا بأس به لأجله. ثمّ نقول : لو كان ترك ما لا بأس به واجبا ، لكان بالفعل بأس ، وقد وصف أنّه لا بأس به ، فيكون الأمر المذكور حينئذ ندبا.
وأمّا قوله عليهالسلام : الوقوف عند الشبهة خير من التورّط في الهلكة ، فالتورّط هو التفعّل من الورطة ، وهي الهلاك ، فظاهر هذا القول يقتضي أنّ الإقدام هلكة بحيث يجب الوقوف عنه ، ولا يتحقّق ذلك إلّا مع اليقين. ثمّ نقول :
__________________
(٥١) الكافي ٦ ـ ٢٩٧ ، في حديث السفرة المطروحة وفيه : هم في سعة حتّى يعلموا.
(٥٢) الفقيه ٤ ـ ٢٤٣ باب ميراث أهل الملل ، وفيه : لا ضرر ولا إضرار في الإسلام.
(٥٣) سورة الحج : ٧٨.