وأمّا الثانية ـ وهي رواية عبيد بن زرارة عن أبيه عن أبي جعفر عليهالسلام ـ فهي دالّة على الصلاة الواحدة ونحن نسلّم هذا في الصلاة الواحدة خاصّة. لا يقال : الصلاة جنس فهي تستغرق. لأنّا نقول : الجنس ليس موضوعا لاستغراق الأنواع ، فليس من قال : « خلق الله ماء » كمن قال : « خلق الله المياه ». بل الأوّل يدلّ على إرادة الجنس المحض المحتمل لإرادة الكلّ أو البعض. ولهذا إذا قلت : « ماء » صحّ أن تقول واحد وأن تقول كثير وهو في الحالين حقيقة فعند الإطلاق كما يحتمل إرادة الأنواع والأشخاص يحتمل إرادة القدر الذي يحصل معه الجنس وهو إمّا الواحد أو الجمع والمتيقّن هو الواحد فينزّل عليه ، فإذا كان الدليل دالّا على وجوب صلاة الحاضرة كان هذا الحديث معترضا على ذلك الدليل فلا يخصّ منه إلّا ما يكون متيقّن الإرادة ، كما لو أوصى بحجّ ولم يبيّن أو صلاة ولم يبيّن ، فإنّه يقتصر على الواحد تمسكا بالأصل في حظر مال الغير. ولا يقال : إذا كان محتملا نزّل على أتمّ محتملاته ، لأنّا نقول : الدليل العام في إيجاب الصلوات الحاضرة مانع من التهجّم على تخصيصه بالأمر المحتمل.
وهذا الجواب هو الجواب عن الرواية الثالثة ، ويزيد في الجواب عنها أن نقول : هذه الرواية خاصّة تقتضي إرادة الصلاة الواحدة من وجهين : أحدهما : قوله : « من نسي صلاة حتّى تدخل أخرى » ويبعد عادة أن ينسى الإنسان صلاة يوم أو يومين. وقوله : « حتّى تدخل وقت أخرى » يؤذن بأنّ الفائتة صلاة مثل الحاضرة (٤٩). الثاني : قوله : « وإن ذكرها مع إمام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثمّ صلّى المغرب » فإنّه يدلّ على أن الفائتة هي واحدة رباعيّة قطعا.
أمّا رواية معمّر بن يحيى وعمرو بن يحيى ، فظاهرها يدلّ على الصلاة الواحدة ، ولو نازع الخصم كان ذلك محتملا لأنّه سؤال عن الرجل صلّى ، وصيغة
__________________
(٤٩) كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها : قبل الحاضرة.