يقول تعالى على لسان نوح : ( قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) [ نوح ] ، كما ركّزت النبوّات في هذه المرحلة على ضرورة الإصلاح الاجتماعي والعلاقة القائمة بين العدل في التشريع وبين الرفاه الاجتماعي والاقتصادي تحفيزاً للذهن البشري وإعداده لمعرفة عصر المخلّص ، وما يمنحه من عطاءات حضارية ورفاه لا متناه نتيجة قيام العدل ، من ذلك قوله تعالى على لسان نوح أيضاً : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) [ نوح ] ، وقوله تعالى : ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَ هٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ * وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) [ هود ].
المرحلة الثانية : وتتميّز بالإشارة ، وإن كان بغموض ، إلى المخلّص ودولته المهدية ، يقول تعالى على لسان شعيب عليهالسلام : ( بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ) [ هود ] ، والمراد من بقية الله المهدي على ما جاء في الروايات ، وروي أنّه إذا قام الإمام عجل الله تعالى فرجه حيّاه المؤمنون بقولهم : السلام عليك يا بقية الله في أرضه ، والمراد بالبقية كونه المتبقّي في الأرض من خطّ الأنبياء والأوصياء ، وهذا يؤكّد أنّ عمله هو النتيجة النهائية لجهود كلّ الأنبياء والأولياء.
ويستكشف صاحب موسوعة الإمام المهدي من ذلك ـ إنّ جميع ما قالته الأديان عن وجود قيادات إصلاحية عالمية متأخّرة عن هذا العصر يعني متأخّرة عن العصر الموسوي بعض الشيء وأيضاً سواء ذلك في نبوات الشرق الأوسط أو نبوات الشرق الأدنى ... كما أنّ جميع ما أعقب ذلك من انحرافات وتشويهات عن المهدية