قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

النظريّة المهدويّة في فلسفة التاريخ

النظريّة المهدويّة في فلسفة التاريخ

النظريّة المهدويّة في فلسفة التاريخ

تحمیل

النظريّة المهدويّة في فلسفة التاريخ

155/221
*

وتعطّل هذه التصوّرات التكاليف الإسلامية في عصر الغيبة ، وتختزل رسالة المؤمن في بوتقة ضيّقة جدّاً ( الدعاء ، التقيّة ، صون اللسان ، حفظ النفس ) ، وتلغي من حساباته مفاهيم عقائدية وسلوكية هامّة كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد ، ومحاربة الفساد والدعوة إلى الله وإقامة الدولة الإسلامية ....

ولكن ما هو منشأ هذه التصوّرات الخاطئة؟

منشأ التصوّرات السلبية للانتظار

يمكن أن نرجع المنشأ إلى عوامل ثلاثة :

العامل الأوّل : التفسير الحرفي لبعض النصوص : حيث نجد أحاديث كثيرة تحدّثنا عن التقية زمن الغيبة : ـ فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منّا ـ (١) ، وعن حفظ اللسان والمحافظة على النفس : ـ عن جابر سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : يا ابن رسول الله فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟ قال حفظ اللسان ولزوم البيت ـ (٢).

إنّ التفسير الحرفي لهذه النصوص وغيرها هو الذي جعل بعضهم يحتجّ بها لإهمال العمل الاجتماعي والتكاليف الرسالية ، ولكن تلك الحجّة باطلة؛ لأنّ ـ الأخبار وإن كانت ذات مدلول واسع إلا أنّها مقيّدة لا محالة بقيد موارد وجوب العمل؛ إذ مع وجوبه تكون التقية والعزلة وكفّ اللسان عصياناً وانحرافاً ـ (٣).

العامل الثاني : النزعة الفردية في فهم النصوص : باستقرائنا للنماذج السابقة يتبيّن لنا أنّها تعالج الموقف من زاوية الفرد المؤمن ، وتهمل كلياً موقع الأُمّة ومسؤوليتها وما تحتّمه علاقتها بإمامها.

وهذه النزعة لم يَخْلُ منها عامّة الفقه الإسلامي ككل ، الذي طغى عليه هذا الطابع فصار فقها عملياً للفرد لا للمجتمع ، وصار يقدّم الحلول للقضايا الشخصية الفردية حتّى في باب المعاملات ، فضلاً عن العبادات والأحوال الشخصية ، وغاب البعد الاجتماعي عن

__________________

١ ـ محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٧٢ ، ص ٤١١.

٢ ـ م س ، ج ٥٢ ، ص ١٤٥.

٣ ـ محمّد صادق الصدر ، تاريخ الغيبة الكبرى ، ص ٤١٣.