لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوّله الله تعالى حتّى يملك رجل من أهل بيتي جبل الديلم والقسطنطينية ـ (١).
ـ لا تقوم الساعة حتّى يملك الأرض رجل من أهل بيتي أجلى أقنى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً ، يكون سبع سنين ـ (٢).
تحديد هوية المستقبل ومشخّصاته ركن أساسي في فلسفة التاريخ ، فكلّ نظرية تمتلك رؤية محدّدة لمستقبل الناس وغدهم الآتي.
وكما رأينا سابقاً تؤمن النظرية الإسلامية بنهاية سعيدة للمسيرة البشرية ، وهي نهاية حتمية لابدّ أن يصل إليها الناس حسب ما تمليه العوامل المؤثّرة في حركة التاريخ ، يصلون إليها بإرادتهم واختيارهم أيضاً.
نهاية التاريخ في النظرية الإسلامية ليست إلغاء للآخر واستغراقاً في النمط الحضاري الذي ينتمي إليه صاحب النظرية ، إنّه ليس استغراقاً في فلسفة ذاتية لا تمنح صاحبها فرصة النظر إلى الواقع بكلّ تجرّد ، فما تثيره فلسفة التاريخ في الغرب من رؤى وأفكار حول سيادة الديمقراطية الغربية وصراع الحضارات وحتمية انتصار الحضارة الغربية ليس سوى مظهر من مظاهر هذا الانحياز والمركزية الغربية التي تعمي وتصم.
أمّا المستقبل في النظرية الإسلامية فهو مستقبل للإنسانية ، ونجاح وفوز وسعادة للمجتمع الإنساني مهما كان دينه وحضارته ، هو انتصار للنموذج الإنساني العالمي الذي ينتصر فيه الحقّ على الباطل ، وتسود فيه قيم العدالة والحرّية والمساواة والرخاء للجميع للبشر والطبيعة والزمان والمكان ، ليلتحم الوجود كلّه في ترنيمة توحيدية جميلة لم يعرف لها مثيلاً في التاريخ.
هذه الرؤية المستقبلية تقدّمها النظرية الإسلامية العامة في خطوطها العريضة انطلاقاً
__________________
١ ـ المصدر نفسه ، ص ٢٠٧.
٢ ـ المصدر نفسه ، ص ٢٠٨.