الزمن ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَ ئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) [ البقرة ].
فمرحلة الحضانة تؤسّس لمنهج المسيرة كما يجب أن تتحرّك فيه : عدم الخضوع لغواية الشياطين ودواعي الانحراف.
( يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) [ الأعراف ].
في بداية نشوء المجتمع الإنساني كان الناس أُمّة واحدة كما يخبرنا القرآن الكريم.
في تلك المرحلة كانت الفطرة هي السائدة ، وكان التوحيد عقيدة المجتمع ، وخلافاً لبعض النظريات الوضعية التي تحدّثت عن الإنسان الأوّل بمنأى عن الدين ومعرفة الله ، كذات متحيّرة وقعت فريسة الأساطير والسحر والشكّ ، فإنّ النظرية الإسلامية تؤكّد على البداية المسدّدة لحركة الإنسان ، وهذه دلالة مهمّة لنبوة آدم عليهالسلام ، فالإنسان الأوّل نبي ، وله اتصال خاص بالله ، مما يؤكّد أنّ تاريخ الإنسان لم يبدأ منفصلاً عن الغيب ألبتة كما توحي بذلك هذه القراءات الوضعية.
هذا المجتمع الأوّل كان بسيطاً في حاجاته محدوداً في قابلياته واستعداداته ، ومع تقارب القابليات بين أفراد ذلك المجتمع ووفرة الفرص والثروات الطبيعية وتشابه الاستعدادات التكوينية والنفسية كان يتوقّع أن تتقلّص هوامش النزاعات والخلافات ، ولكن لا يعني هذا خلو المجتمع الأوّل من كلّ أشكال النزاع والصراع ، فقد حدثت مثل هذه الوقائع الجزئية التي لم تخرج المجتمع الأوّل من سمته العامة : مجتمع فطري توحيدي ، فالقرآن يحدّثنا مثلاً عن قصّة هابيل وقابيل ابني آدم ، حيث تحرّكت نوازع الحسد في قابيل فقتل أخاه ، وكانت أولى جرائم القتل على الأرض وفي التاريخ.