ويمتدّ هذا التفكير الفلسفي ليتصل
بطوبائيات اشتراكية وأخرى علمية وثالثة تستند إلى الحرية الفردية أكثر ، وتترك
مجالاً للصراع والخلافات كما هو حال ولز ( ١٨٤٤ ـ ١٩٤٤ ) في يوتوبيا حديثة وبَشَرْ
كالآلهة .
ولكن تبقى الجمهورية لأفلاطون ، ومدينة
الفارابي الفاضلة أفضل نموذجين نتوقّف عندهما :
جمهورية أفلاطون
ولد أفلاطون سنة / ٤٢٧ / ق.م وعاش
ثمانين سنة ، كان مولده في جزيرة قرب أثينا ، آمن بأنّ صلاح الدولة في اقتران
الفلسفة بالسياسة ، واتصاف الحاكم بالحكمة ، وقد يكون للأحوال السياسية المتعكّرة
دَوْرٌ في نضج كثير من آرائه الاجتماعية والسياسية ، وينقل عنه : ـ لن يخلص الجنس
البشري من متاعبه إلا بأن يستولي المشتغلون اشتغالاً حقيقياً بالفلسفة على السلطان
السياسي ، أو بأنّ أصحاب السلطان في المدن فلاسفة حقيقيون ـ .
يرى أفلاطون أنّ الفرد للدولة ، وأنّ
الغاية هي الفضيلة والعدالة وتحقيق العلم والفلسفة ، ومن أجل ذلك لابدّ أن يسلم
الفرد منذ ولادته إلى الدولة ، وهي التي تتكفّل تربيتهم وإعدادهم ومن ثمّ توزيعهم
حسب مؤهّلاتهم على عدّة اختصاصات ، فمن يصلح للجيش يربى تربية عسكرية ، ومن يصلح
للإدارة يربى تربية فلسفية ... وغالى في ضرورة اختيار النسل ، حتّى أنّه نادى
بوجوب منع من كان فاسداً من الآباء من التناسل والقضاء على كلّ الأطفال غير
الصالحين.
ويبدأ تعليم الفلسفة عنده من سنّ الثلاثين
، ويستمرّ إلى حوالي الخمسين ، ويحقّ للمرء عندئذٍ أن يكون حاكماً ، ولابدّ أن
تطهّر المدينة من كلّ نزعة أو فكرة مخالفة للفضيلة.
__________________