رأينا كيف كان
للأُمّة في المنظور القرآني أجل وكتاب وحياة وموت ... ، بمعنى آخر لها نوع وجود
يؤثّر في الأحداث ويحدّد المسارات ، ( لِكُلِّ أُمَّةٍ
أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا
يَسْتَقْدِمُونَ)
[ يونس ] ، ( وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا
وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ * مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا
يَسْتَأْخِرُونَ )
[ الحجر ] ، ( وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ
يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ
لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا * وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا
ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ) [ الكهف ] ، وهذا ما طرحناه في الفصل
الثالث.
وعلى أساس هذه الرؤية نوّعنا البحث في
عوامل تعجيل الظهور إلى مستويين ، فردي وجماعي ، وبعد ما فصّلنا الحديث في المستوى
الأوّل ، نطرح الآن أهمّ عوامل تفعيل حركة الأُمّة في اتجاه ظهور المهدي وقيام
مجتمع العدل العالمي في العناصر التالية :
أ. إحراز العدد
الكافي من الأنصار
يعدّ من أهمّ العوامل التي نصّت عليها
الروايات المتظافرة ، حيث اشترطت عدّة من الأنصار تبلغ ثلاثمائة ونيف : عن أبان
ابن تغلب ـ كنت مع جعفر بن محمّد في مسجد بمكّة وهو آخذ بيدي وقال : يا أبان سيأتي
الله بثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً في مسجدكم هذا يعلم أهل مكّة أن لم يخلق آباؤهم
ولا أجدادهم بعد ـ .
وعن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام : ـ إنّ القائم
يهبط من ثنية ذي طوى في عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً حتّى يسند ظهره
إلى الحجر الأسود ويهزّ الراية الغالبة ـ .
فمسؤولية الأُمّة الأساسية اتجاه إمامها
أن تفرز هذا الجيش أو هذه العدّة من الخلّص ، وإذا علمنا الخصائص العامّة لأفراد
هذه الطليعة والدرجة العالية من الكمالات المعنوية التي يمتازون بها اندفع ذلك
الإشكال الذي تردّد كثيراً في التاريخ ولا يزال يتردّد : أيعقل ألا يوجد بين هذه
الألوف المؤلفة؛ بل الملايين الحاشدة من الشيعة بضعة مئات من المخلصين ـ ثلاثمائة
ونيف ـ؟
__________________