[ الذاريات ] ، ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) [ يس ].
ولكن الغريب الذي تطرحه النظرية المهدوية أنّ هذا الأوج الذي يصل إليه عالم التكوين يتزامن ـ يَتّحد زماناً ـ مع التكامل التشريعي للإنسان.
فالتكامل التاريخي يبلغ ذروته مع قيام المجتمع العالمي العادل الذي يصل فيه البشر في رؤيتهم النوعية إلى أعلى درجات العلم والتقوى والالتزام والورع ( مجتمع معصوم ).
وكذلك الطبيعة أيضاً تبلغ أعلى درجات عطائها ووفرتها كما حدّثت بذلك الروايات المنقولة الواردة في الأصل الرابع ، فلا تترك السماء مطراً إلا أنزلته وتتبدّل الأرض الصحراوية إلى سهول خصبة وتظهر الأرض معادنها على سطحها ، حتّى السباع تتصالح في البراري ، ....
هذا الانقلاب الكوني يتساوق مع قيام المجتمع العالمي العادل ، هذا التزامن ليس صدفة إنّه جزء من التخطيط الإلهي الذي يجمع بشكل باهر حرّية الإنسان وعلاقة الطبيعة بالمجتمع والقوانين التاريخية والأهداف النهائية للمسيرة البشرية في منظومة متناسقة ، فتعطي هذه النتيجة المدهشة الرائعة حقّاً.
إنّها صورة جميلة لهذا التخطيط كتلك الصورة التي رأينا في مرحلة الحضانة كيف جمع التخطيط الإلهي الحكيم بين الدور السلبي الإرادي للشيطان في غواية آدم عليهالسلام وبين نهي آدم عن أكل الشجرة ليظلّ في الجنّة وتنضج استعداداته أكثر ، وبين الإرادة الإلهية الأولى ليكون آدم خليفة على الأرض وما يتوقّف على ذلك من استعدادات.
لقد ربط التخطيط الإلهي كلّ ذلك وتحرّكت الأحداث بإرادة جميع الأطراف في الاتجاه الذي يخدم الأهداف المرحلية والنهائية لخلق الإنسان.
إنّه شكل من أشكال الإعجاز الذي يقف العقل أمامه حائراً حقّاً!