فقال معاوية : حسبك يرحمك الله ، عرّضني لك ونفسه فلا جزي خيراً » (١).
وسيأتي في الحلقة الثالثة مزيدٌ ممّا جرى بين ابن عباس وابن العاص في الحجاز وفي الشام ، غير أنّا نذكر الآن ما رواه عبد الملك بن مروان :
« قال : كنا عند معاوية ذات يوم وقد اجتمع عنده جماعة من قريش ، وفيهم عدة من بني هاشم.
فقال معاوية : يا بني هاشم بم تفخرون علينا؟ أليس الأب والأم واحداً؟ والدار والمولد واحداً؟
فقال ابن عباس : نفخر عليكم بما اصبحت تفخر به على سائر قريش ، وتفخر به قريش على الأنصار ، وتفخر به الأنصار على سائر العرب ، وتفخر به العرب على العجم ، برسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وبما لا تستطيع له إنكاراً ولا منه فراراً.
فقال معاوية : يا بن عباس لقد أعطيت لساناً ذلقاًً تكاد تغلب بباطلك حقّ سواك.
فقال ابن عباس : فان الباطل لا يغلب الحقّ ، ودع عنك الحسد ، فلبئس الشعار.
فقال معاوية : صدقت ، أما والله إنّي لأحبّك لخصال أربع مع مغفرتي لك خصالاً أربعاً ، فأمّا ما أحبّك : فلقرابتك من رسول الله. وأمّا الثانية : فانك رجل من أسرتي وأهل بيتي ومن مصاص عبد مناف. وأمّا الثالثة : فإنّ أبي كان خلاً لأبيك ، وأمّا الرابعة : فإنك لسان قريش وزعيمها وفقيهها.
____________________
(١) أنساب الأشراف ١ ق ٤ / ٩٤ تح ـ احسان عباس ، تاريخ الإسلام للذهبي ٢ / ٢٣٨ سير أعلام النبلاء للذهبي ٣ / ٤٩.