وفي أخبار الدولة العباسية تفاوت يسير في المحاورة والشعر (١).
ومن هذه المحاورة يعرف القارئ رأي ابن عباس وسائر بني هاشم بما فيهم الإمام الحسن والإمام الحسين ( عليهما السلام ) في مسألة الأموال الّتي كان يبعث بها معاوية إليهم أو يفدون عليه لأخذها ، إنّما هي من حقوقهم المفروضة كما بيّنه ابن عباس ، بل هي دون ما يستحقونه لكن معاوية يريد التطوّل والمنّة إلاّ أنّ ابن عباس أسكت نامته ، وأبطل حجته ، حتى استكفاه معاوية واعترف له بأنّه يكوي ولا يغوي.
وكان معاوية يوصي أصحابه باجتناب محاورة رجلين الحسن بن عليّ وعبد الله بن عباس لقوة بداهتهما (٢).
إلاّ أنّ ابن العاص فيما يبدو لم يلتزم بوصية صاحبه. فقد روى البلاذري : « انّ عمرو بن العاص قال لعبد الله بن عباس : يا بني هاشم أما والله لقد تقلدتم من دم عثمان كفرم الإماء العوارك ، وأطعتم فسّاق أهل العراق في عيبه ، وأجزرتموه مرّاق أهل مصر ، وآويتم قتلته ، وإنّما نظر الناس إلى قريش ونظرت قريش إلى بني عبد مناف ، ونظر بنو عبد مناف إلى بني هاشم.
فقال ابن عباس لمعاوية : ما تكلم عمرو الا عن رأيك ، وإن أحق الناس أن لا يتكلم في قتل عثمان لأنتما. أمّا أنت يا معاوية فزيّنت له ما صنع ، حتى إذا حُصر طلب نصرك ، فأبطأت عنه وتثاقلت ، وأحببت قتله ، وتربّصت لتنال ما نلت.
وأمّا أنت يا عمرو فأضرمتَ المدينة عليه ناراً ، ثمّ هربت إلى فلسطين ، فأقبلت تحرّض عليه الوارد والصادر ، فلمّا بلغك قتله دعتك عداوة عليّ إلى أن لحقت بمعاوية ، فبعت دينك منه بمصر.
____________________
(١) راجع أخبار الدولة العباسية / ٥٤ ـ ٥٦.
(٢) أنظر الأعلام للزركلي سنة ٢٣٠.