عظم شأنه ، وتسطيح قبره في بنيانه ، والسحابة الّتي أمطرته بوابلها ، وأخيراً ضرب الفسطاط على قبره.
فنحن الآن وقد أشرفنا على توديعه في تاريخه ، فينبغي لنا أن نودّعه بوقفة تحقيق وتأمل في تلك المرويّات الّتي لم تخل من مناقبية ربّما تخيّلها البعض أنها وضعت أيام حكومة بني العباس تزلفاً إليهم ، لذلك قلت أنها أسترعت الإنتباه فاستوجبت البحث ، فنقول :
رواه غير واحد ممّن حضر تجهيز ابن عباس وقالوا : « أنّ طائراً دخل في أكفانه ودفن معه »!؟ وهذا أمر عجيب وغريب ، إذ لم يحدث مثله فيما أعلم مع غيره. ولنقرأ بعض الروايات في ذلك :
١ ـ روى ابن سعد (١) والفسوي (٢) وأحمد (٣) وغيرهم عن بجير بن سالم أبي عبيد الطائفي : « أنّ ابن عباس مات بالطائف فلمّا أخرج بنعشه جاء طائرٌ أبيض عظيم من قبل وجّ ـ واد بالطائف ـ حتى خالط أكفانه لم يُدر أين ذهب ».
قال عفان ـ شيخ ابن سعد ـ فكانوا يرون أنّه عمله ـ علمه خ ل ـ.
٢ ـ وروى ابن سعد والفسوي (٤) وأحمد (٥) ، واللفظ للأوّل بسنده عن عبد الله بن ياسين قال : « أخبرني أبي أنّه لمّا مرّ بجنازة ابن عباس بالجيزة ـ وهو وادٍ لهم ـ جاء طائر أبيض يقال له الغرنوق فدخل في النعش فلم يُر » (٦).
____________________
(١) الطبقات الكبرى ( ترجمة ابن عباس ) / ٢٠٧.
(٢) المعرفة والتاريخ ١ / ٣٩.
(٣) فضائل الصحابة برقم ١٩٤٩.
(٤) المعرفة والتاريخ ١ / ٥٣٩.
(٥) فضائل الصحابة برقم ١٩٠٢ و ١٩٠٧.
(٦) الطبقات الكبرى ( ترجمة ابن عباس ) / ٢٠٦.