حقّ صحابي آخر له حقّ القرابة والصحابي مثل ابن عباس ، لتأنيبه ابن الزبير على بخله.
وعندي أنّ هؤلاء أشدّ بخلاً من ابن الزبير الّذي ضنّ بمال المسلمين عليهم ، فإنّهم بخلوا حتى برواية الحقيقة وكتموا الحقّ. فالله أولى بهم ( فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) (١).
ولم تكن هذه الوقفة الطويلة والجولة العريضة في تفتيش المصادر المعنيّة عن كلمة عبد الله بن المساور ـ أبي المساور ـ إنّه سمع ابن عباس وهو يبخّل ابن الزبير ، لاثبات بخل ابن الزبير ، فذلك معروف ومشهور لا مناقشة فيه ، وإنّما أردت تنوير القارئ عمّا يتخلل الكتب الحديثية من تحريف وتخريف ، كنّا نود أن لا نجد عليه شاهداً واحداً ، ولكنا وجدنا منها عليها شواهد ، وقد مرّت بنا الحقائق مكشوفة الغطاء ، تنبئ عن النُصب والعداء ، أعمت بصائر الرواة وأبصار النساخين والمصنّفين ، عن ذكر حقيقة بخل ابن الزبير ، وكأنّهم بفعلهم هذا محو سيئة بخل ابن الزبير من صحيفته ، وهم بفعلهم هذا سيلقون آثاماً.
وبالتالي تحذير القرّاء من اللهاث وراء أولئك الحفاظ الّذين أكبر همهم ذكر الاسناد وتصحيحه بتوثيق رجاله ، دون الالتفات إلى صحة ما يرونه ويروونه ، ولا يُخدعوا ببهرجة الألقاب الّتي منحوها لهم بغير حساب.
يقول علماء الأخلاق : إنّ دواعي الحسد سبعة :
الأوّل : خبث النفس وشحّها بالخير والعياذ بالله.
____________________
(١) البقرة / ٧٩.