دينك؟ قال : عشرة آلاف درهم فبعث بها إليه ، ثمّ مرّ به من الغد فقال له كيف أصبحت يا معن؟ فقال :
أخذت بعين المال لما نهكته |
|
وبالدين حتى ما أكاد أدان |
وحتى سألت القرض عند ذوي الغنى |
|
وردّ فلان حاجتي وفلان |
فقال له عبد الله : الله المستعان ، إنّا بعثنا إليك بالأمس لقمة فما لكتها حتى انتزعت من يدك ، فأي شيء للأهل والقرابة والجيران؟ وبعث إليه بعشرة آلاف درهم أخرى فقال معن يمدحه :
إنّك فرع من قريش وإنّما |
|
تمجّ الندى منها البحور الفوارع (١) |
ثووا قادة للناس بطحاء مِكة |
|
لهم وسقايات الحجيج الدوافع |
فلمّا دعوا للموت لم تبك منهم |
|
على حادث الدهر العيون الدوامع » (٢) |
روى المقريزي في كتابه المقفى عن ابن جريج ـ وهو عبد الملك قاضي مكة ـ قال : « قال لي ابن أبي مليكة ـ وهو عبد الله بن عبيد الله قاضي ابن الزبير ومؤذنه ـ جاء ابن الزبير مال أوّل ما جاءه ، فانطلق ابن عباس إليه ، وهو في قيقعان ـ جبل بمكة ـ فقال : انك قد دعوت الناس إلى ما قد علمت ، وقد جاءك مال وبالناس حاجة ، فقال ابن الزبير : وما أنت وهذا؟ إنك أعمى ، أعمى الله قلبك.
فقال ابن عباس : بل أعمى الله قلبك.
____________________
(١) قوله : إنك فرع ... الخ هو مخروم وروى وانك بالواو فلا خرم ، والفرع مستعار من فروع الشجرة وهي أغصانها ، والفوارع جمع فارع وهو العالي ... أ هـ من خزانة الأدب.
(٢) الأغاني ١٠ / ١٥٧ ط الساسي.