القيام معهم أو يخلوهم جلساؤه ، فاختار القيام معهم إكراماً لجلسائه ، لأنّه يرى جليسه أكرم الناس عليه ـ كما سيأتي كلامه في ذلك في أدبيات حكمه في الحلقة الثالثة ـ لذلك اختار القيام مع أولئك الرهط ، ولمّا انتبذ معهم مكاناً قصياً وجلسوا نديا ليوفّر لهم حرية الكلام ، ولكن عناصر الشرّ أسمعوه في الإمام ما أثار حفيظته ، فلم يتمالك على نفسه دون أن قام عنهم ينفض ثوبه مغضباً وهو يقول : ( أف وتف ). وهما كلمتا تضجر وتأفف ، أي قذَراً وبعداً عليهم. ولم يحدّث جلساءه بما قالوه إلاّ أنّه ذكر أنّهم وقعوا في رجل له ... وأخذ يعدّد فضائل الإمام كما مرّ ، ولم يذكر الرواة لنا عن مصير أولئك النفر بعد سماعهم حديث ابن عباس.
٢ ـ أيكم السابّ لله؟
روى ابن المغازلي المالكي في مناقبه (١) والخوارزمي الحنفي في مناقبه (٢) وابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول (٣) وغيرهم وقد نيّفوا على العشرين كما سيأتي بيانهم في الحلقة الثالثة إن شاء الله تعالى.
وإليكم الحديث بلفظ الخوارزمي الحنفي : « عن سعيد بن جبير قال : بلغ ابن عباس أنّ قوماً يقعون في عليّ ( عليه السلام ) فقال لابنه عليّ بن عبد الله : خذ بيدي فاذهب بي اليهم ، فأخذه ولده بيده حتى انتهى اليهم فقال : أيكم السابّ لله؟
فقالوا : سبحان الله من سبّ الله فقد أشرك.
فقال : أيكم السابّ لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )؟
____________________
(١) مناقب ابن المغازلي / ٣٩٤.
(٢) مناقب الخوارزمي / ٨١.
(٣) مطالب السؤول / ١٠٥.