ورق تلتف ساقه على حاضنه وتنشب فيه زوائد ماصة تمص نسغه يضر على الأخص بمروج القُضُب ، وسواء صح أنّه قال ذلك التفسير وسماه الكشوث أو لم يصح فإنّه قد أصاب الهدف في التشبيه ، فبنو أمية أتوا إلى الحكم كالنبات الطفيلي المشبه به فلا جذر لهم فيه ولا ورق ، وإنّما ابتزوا الحكم من أصحابه كهيئة من سرق ، ثمّ امتصوا من الأمة دماءها وعرقها وكدها وجهدها كما يمتص الكشوث النسغ من الشجرة وهو السائل الّذي تمتصه الجذور من الأرض ويجري في الساق والأوراق بواسطة العروق ـ
روايته في آية النبأ :
روى الطبري في تفسيره بسنده عن ابن عباس في قوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ) (١) الآية ، قال : « كان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بعث الوليد بن عقبة ابن أبي معيط ، ثمّ أحد بني عمرو بن أمية ، ثمّ أحد بني أبي معيط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات ، وإنّه لما أتاهم الخبر فرحوا ، وخرجوا ليتلقوا رسول رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وإنّه لمّا حُدِّث الوليد أنّهم خرجوا يتلقّونه ، رجع إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فقال : يا رسول الله إنّ بني المصطلق قد منعوا الصدقة ، فغضب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) غضباً شديداً ، فبينما هو يحدّث نفسه أن يغزوهم ، إذ أتاه الوفد ، فقالوا : يا رسول الله إنّا حُدِّثنا أنّ رسولك رجع من نصف الطريق ، وإنّا خشينا أن يكون رده كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا ، وإنّا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله ، فأنزل الله عذرهم في الكتاب فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) (٢) » (٣).
____________________
(١) الحجرات / ٦.
(٢) الحجرات / ٦.
(٣) تفسير الطبري ٢٦ / ١٢٣ ـ ١٢٤.