وأمّا الأربع الّتي غفرت لك : فعدوك عليّ بصفين فيمن عدان ، وإساءتك في خذل عثمان فيمن أساء ، وسعيك على عائشة أم المؤمنين فيمن سعى ، ونفيك عني زياداً فيمن نفى. فضربت أنف هذا الأمر وعينه حتى استخرجت عذرك من كتاب الله ( عزّ وجلّ ) وقول الشعراء.
أمّا ما وافق كتاب الله ( عزّ وجلّ ) فقوله ( خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ) (١)
وأمّا ما قالت الشعراء فقول أخي بني دينار.
ولست بمستبق أخاً لا تلمّه |
|
على شعث أيّ الرجال المهذّب |
فاعلم انّي قبلت فيك الأربع الأولى ، وغفرت لك الأربع الأخرى ، وكنت في ذلك كما قال الأوّل :
سأقبل ممّن قد أُحبّ جميلَه |
|
واغفر ما قد كان من غير ذالكا |
ثمّ أنصت.
فتكلم ابن عباس فقال بعد حمد الله والثناء عليه. أمّا ما ذكرت أنّك تحبني لقرابتي من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فذلك الواجب عليك وعلى كلّ مسلم آمن بالله ورسوله ، لأنّه الأجر الّذي سألكم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) على ما أتاكم به من الضياء والبرهان المبين ، فقال ( عزّ وجلّ ) : ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٢) فمن لم يجب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلى ما سأله خاب وخزي وكبا في جهنم.
وأمّا ما ذكرت أنّي رجل من أسرتك وأهل بيتك فذلك كذلك ، وإنّما أردتَ به صلة الرحم ، ولعمري إنّك اليوم وَصول مع ما قد كان منك فيما لا تثريب عليك فيه اليوم.
____________________
(١) التوبة / ١٠٢.
(٢) الشورى / ٢٤.