ولا معه أمان من معاوية كما مر في كتاب معاوية إليه وهو بالبصرة ، ولم يذكر أنّه بعد مغادرته لها في سنة ٤١ أتى الشام ، فلا أستبعد أن تكون المحاورة المذكورة هي الأولى في لقاءاته مع معاوية ، وفي صدرها ما يشير إلى ذلك حيث قال معاوية لجلسائه : « انّه قد طال العهد بعبد الله بن عباس وما كان شجر بيننا وبينه وبين ابن عمه ... ».
وفي رواية عند ابن عساكر في ترجمة ابن عباس ورواها عنه ابن كثيرعن ابن عباس قال : « دخلت على معاوية حين كان الصلح وهو أوّل ما التقيت أنا وهو ، فإذا عنده أناس فقال : مرحباً بابن عباس ما تحاكت الفتنة بيني وبين أحد كان أعزّ عليّ بُعداً ولا أحب إليَّ قرباً ( منك ) الحمد لله الّذي أمات عليّاً ، فقلت له : ان الله لا يغلب ( يذمّ ) في قضائه ، وغير هذا الحديث أحسن منه. قال ما هو؟ قلت له : أحب أن تعفيني من ذكر ابن عمي وأعفيك من ذكر ابن عمك. قال : ذلك لك » (١).
وفي لفظ البلاذري قال معاوية : « ما حالت الفتنة بيني وبين أحد كان أعز عليّ فقداً وأحبّ إليّ قرباً منك ، فالحمد لله الّذي قتل عليّاً.
فقال ابن عباس : أو غير هذا ، تدع لي ابن عمي وأدع لك ابن عمك. قال : ذاك لك.
ثمّ قال : أخبرني عن أبي سفيان؟ قال اللّهمّ انّه تجر فأربح ، وأسلم فأفلح ، وكان رأس الشرك حتى انقضى.
فقال : يا بن عباس في علمك ما تسرّ به جليسك ، ولولا أن اقارضك الثناء لأخبرتك عن نفسك » (٢).
____________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ٣٠١ ط السعادة.
(٢) أنساب الأشراف ١ق ٤ / ١٣٠ تح ـ احسان عباس.