فظهر ممّا مرّ في رواية ابن عساكر أنّه أوّل لقاء كان بين ابن عباس ومعاوية هو الّذي جرى فيه ذكر معاوية للإمام وحمده الله على قتله ، وهذا ما أثار في ابن عباس الحمية فقال له ما مرّ ، وفي الخبر انّه دخل عليه وعنده أناس ، فمن هم أولئك الأناس غير جلسائه وخلطائه ، وهم الّذين مرّ ذكرهم في المحاورة السابقة.
يبقى الكلام حول فصول المحاورة مع شخوصها إلى الحلقة الثالثة إن شاء الله ، إلاّ أنّا ننبّه القارئ إلى أنّ ابن عباس كان حقّاراً لمعاوية وجريئاً عليه كما يقول بعض الرواة عنه في صدر محاورة رواها ابن عبد ربه في العقد الفريد والحلواني في نزهة السامع وهي طويلة نتركها إلى الحلقة الثالثة ، ونذكر ما هو أخصر منها وفيه من الجرأة على معاوية ما بلغ حتى التهديد.
فقد روى ابن عبد ربه في العقد الفريد (١) والجاحظ في أمل الآمل (٢) والابشيهي في المستظرف (٣) والحموي في ثمرات الأوراق (٤) وأنساب الأشراف للبلاذري (٥).
قال أبو عثمان الحرامي : « اجتمعت بنو هاشم عند معاوية فأقبل عليهم فقال : يا بني هاشم والله إنّ خيري لكم لممنوح ، وإنّ بابي لكم لمفتوح ، فلا يقطع خيري عنكم علة ، ولا يوصد بابي دونكم مسألة ، ولمّا نظرت في أمري وأمركم ، رأيت أمراً مختلفاً ، إنّكم لترون أنّكم أحق بما في يدي مني ، وإذا أعطيتكم عطية فيها قضاء حقكم ، قلتم أعطانا دون حقنا ، وقصّر بنا عن قدرنا ،
____________________
(١) العقد الفريد ٢ / ٣١٧ ط الأولى و ٤ / ٩ تح ـ أحمد أمين ورفيقيه.
(٢) أمل الآمل / ٢٨ ـ ٢٩ تح ـ رمضان ششن ط دار الكتاب الجديد بيروت سنة ١٣٨٧.
(٣) المستظرف ١ / ٥٨.
(٤) ثمرات الأوراق بهامش المستظرف ١ / ١٣٥.
(٥) أنساب الأشراف ١ق ٤ / ١١١ ـ ١١٣.