وروي : أنّه لمّا أتى نعي الحسن عزى معاوية ابن عباس ، فاسترجع ابن عباس ثلاثاً ، ثمّ قال : انّه والله يا معاوية لم يمهل من أجلك ، ولم يدفن في حفرتك ، ولقد رزئنا بمن كان خيراً منه فكفانا الله فقده ، ولم يضيّعنا بعده ، يعني النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ثمّ قال : والله لا أقيم ببلدة يُشمت فيها بموت ابن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ).
أخبرنا صدر الحفاظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني بها إجازة ، أخبرنا عبد القادر بن محمّد البغدادي ، أخبرنا الحسن بن عليّ الجوهري ، أخبرنا محمّد بن العباس ، أخبرنا أحمد بن معروف ، حدثنا حسين بن محمّد ، أخبرنا محمّد بن سعد ، أخبرنا محمّد بن عمر ، حدثنا عبد العزيز بن محمّد عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال : لمّا جاء معاوية نعي الحسن بن عليّ استأذن ابن عباس على معاوية وكان ابن عباس قد ذهب بصره ، وكان يقول لقائده إذا دخلت بي على معاوية فلا تقدني ، فان معاوية يشمت بي ـ فلمّا جلس ابن عباس ، قال معاوية لأخبرنه بما هو أشدّ عليه من أن أشمت به ثمّ قال : يا بن عباس هلك الحسن بن عليّ ، فقال ابن عباس : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وعرف ابن عباس انّه شامت به فقال : أم والله يا معاوية لا يسدّ حفرتك ، ولا تخلد ، ولقد أصبنا بأعظم منه فجبرنا الله بعده ، ثمّ قام.
قال معاوية : لا والله ما كلمت أحداً قط أعدّ جواباً ولا أعقل من ابن عباس.
فقال الفضل بن العباس :
أصبح اليوم ابن هند شامتا |
|
ظاهر النخوة إذ مات الحسن |
رحمة الله عليه إنّما |
|
طالما أشجى ابن هند وأرن |
استراح اليوم منه بعده |
|
إذ ثوى رهناً لأحداث الزمن |