حاجتك؟ قال : نعم ، قال : الحقّ ببلادك ، قال : يا أمير المؤمنين إنّك حيث نعيت إلى الحسن بن عليّ آليت أن لا أسكن المدينة بعد ما بدا ولا أجد مكاناً أجمل من جوار أمير المؤمنين. قال : هيهات ليس إلى ذلك سبيل ، قال : فبقيت لي حاجة هي أهم الحوايج إليّ وهي لك دوني ، قال : فأي حاجة هي لنا دونَك ، إنا نخاف أن نسارع إليها؟ قال : عليّ بن أبي طالب قد كفاك الله مؤنته ومضى لسبيله ، وقد عرفت منزلته وقرابته فكفّ عن شتمه على المنابر. قال : هيهات ليس إلى ذلك سبيل يا ابن عباس هذا موضع دين ، إنّه غشّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وسمّ أبا بكر وذم عمر وقتل عثمان ، فليس إلى الكفّ عنه سبيل.
فقال له ابن عباس : الله حسبك فيما قلت ، ثمّ خرج فلم يلتقيا » (١).
ثالثاً : ما رواه ابن قتيبة ( ت ٢٧٠ هـ ) في كتابه الإمام والسياسة ، قال :
« فلمّا كانت سنة احدى وخمسين مرض الحسن بن عليّ مرضه الّذي مات فيه ، فكتب عامل المدينة إلى معاوية يخبره بشكاية الحسن ، فكتب إليه معاوية : إن استطعت أن لا يمضي يوم بي يمر إلاّ يأتيني فيه خبره فافعل. فلم يزل يكتب إليه بحاله حتى توفي. فكتب إليه بذلك ، فلمّا أتاه الخبر أظهر فرحاً وسروراً حتى سجد وسجد من كان معه فبلغ ذلك عبد الله بن عباس وكان بالشام يومئذ ، فدخل على معاوية فلمّا جلس قال معاوية : يا بن عباس هلك الحسن بن عليّ ، فقال ابن عباس : نعم هلك إنّا لله وإنّا إليه راجعون ترجيعاً مكرراً ـ وقد بلغني الّذي أظهرت من الفرح والسرور لوفاته ، أما والله ما سدّ جسده حفرتك ، ولا زاد نقصان أجله عمرك ، ولقد مات وهو خير منك ، ولئن أصبنا به لقد أصبنا بمن كان خيراً منه جده رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ، فجبر الله مصيبته ، وخلف علينا من
____________________
(١) الحدائق الوردية / ١٠٩ ـ ١١١ ( مخطوط ).