بعده أحسن الخلافة ، ثمّ شهق ابن عباس وبكى وبكى من حضر في المجلس وبكى معاوية ، فما رأيت يوماً أكثر باكياً من ذلك اليوم.
فقال معاوية : بلغني أنّه ترك بنين صغاراً؟ فقال ابن عباس : كلنا كان صغيراً فكبر.
قال معاوية : كم أتى له من العمر؟ فقال ابن عباس : أمر الحسن أعظم من أن يجهل أحد مولده.
قال : فسكت معاوية يسيراً ثمّ قال : يا بن العباس أصبحت سيّد قومك من بعده.
فقال ابن عباس : أمّا ما أبقى الله أبا عبد الله الحسين فلا.
قال معاوية : لله أبوك يا بن عباس ، ما استنبأتك إلاّ وجدتك معدّاً » (١).
رابعاً : ما رواه أبو حنيفة الدينوري ( ت ٢٨٢ هـ ) في الأخبار الطوال ، قال :
« وانتهى خبر وفاة الحسن إلى معاوية ـ كتب به إليه عامله على المدينة مروان ـ فأرسل إلى ابن عباس وكان عنده بالشام ـ قدم عليه وافداً ـ فدخل عليه فعزّاه وأظهر الشماتة بموته فقال له ابن عباس : لا تشمتن بموته لا تلبث بعده إلاّ قليلاً » (٢).
خامساً : ما رواه اليعقوبي ( ت بعد ٢٩٢ هـ ) في تاريخه ، قال :
« وتوفي الحسن بن عليّ وابن عباس عند معاوية ، فدخل عليه لمّا أتاه نعي الحسن فقال له يا بن عباس إن حسناً مات.
قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون على عظم الخطب وجليل المصاب ، أما والله يا معاوية لئن كان الحسن مات فما ينسئ موتُه في أجلك ، ولا يسد جسمه حفرتك ، ولقد مضى إلى خير ، وبقيت على شر.
____________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٤٤ ـ ١٤٥ ط الأمة سنة ١٣٢٨.
(٢) الأخبار الطوال / ٢٢٢ ط تراثنا بمصر.