ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ١

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ١

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-103-6
الصفحات: ٤٧١

ـ الأمر بالشي‌ء يستلزم النهي عن ضدّه ، والنهي مفسد.

ـ إنّ المذهب قد يعرف بخبر الواحد الضعيف لاشتماله على القرائن.

٥ ـ القواعد والفوائد ، في الفقه :

مختصر يشتمل على ضوابط كلّية أصولية وفرعية ، يستنبط منها أحكام شرعية ، لم يعمل مثله.

يضمّ ما يناهز الثلاثمائة وثلاثين قاعدة ، وفوائد تقارب المائة فائدة ، مضافا إلى الكثير من التنبيهات والفروع .. وبذلك فهو يحتوي أغلب المسائل الشرعية.

وهذه القواعد والفوائد وإن طغى عليها الطابع الفقهي إلاّ أنّ بعضها أصولية واخرى في العربية.

وأسلوبه في الكتاب : إيراده القاعدة أو الفائدة ، ثم يستعرض ما ينضوي تحتها من فروع فقهية ، وما قد يرد عليها من استثناءات إن كانت. واتّخذ فيه أسلوب المقارنة بين فقه العامّة والخاصة في أغلب الفروع الفقهية ، فيعرض ما قيل من الوجوه ، سواء كان القائل عامّيا أم شيعيا. وهذا ليس بعزيز عليه قدس‌سره ، فهو من جملة فقهائنا الخمسة الذين أحاطوا بآراء وأقوال الفقهاء على مختلف مذاهبهم.

ويعدّ هذا الأثر من جملة ابتكاراته رضوان الله تعالى عليه.

٦ ـ الرسالة الألفية :

رسالة مختصرة في فرض الصلاة ، تضمّ مقدّمة وثلاثة فصول وخاتمة.

تشتمل على ألف واجب في الصلاة.

قال الشهيد الثاني في شرحه عليها ـ المقاصد العليّة ـ : .. المشتملة على الألفاظ الموجزة الجزيلة الآخذة بمجامع البلاغة ومعاقد الفصاحة.

٧ ـ الرسالة النفلية :

رسالة كبيرة تشتمل على ثلاثة آلاف نافلة تقريبا في الصلاة.

مرتّبة أيضا على مقدّمة وثلاثة فصول وخاتمة.

٢١

للشهيد الثاني شرح عليها سمّاه « الفوائد الملية ».

قال الشهيد الأول قدس‌سره في مقدّمتها : .. لمّا وقفت على الحديثين المشهورين عن أهل بيت النبوّة أعظم البيوتات ، أحدهما عن الإمام الصادق أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه وعلى آبائه وأبنائه أكمل التحيات : « للصلاة أربعة آلاف حدّ » والثاني عن الإمام الرضا أبي الحسن عليّ بن موسى عليهما الصلوات المباركات : « الصلاة لها أربعة آلاف باب » ، ووفّق الله سبحانه لإملاء « الرسالة الألفية » في الواجبات ، ألحقت بها بيان المستحبّات ، تيمّنا بالعدد تقريبا ، وإن كان المعدود لم يقع في الخلد تحقيقا ، فتمّت الأربعة من نفس المقارنات ، وأضيف إليها سائر المتعلّقات. والله حسبي في جميع الحالات.

٨ ـ المزار ( منتخب الزيارات ) : يشتمل على بابين :

الأوّل : في الزيارات ، وهو مرتب على ثمانية فصول وخاتمة.

الثاني : يشتمل على سبعة فصول وخاتمة.

قال قدس‌سره في مقدّمته : .. وبعد ، فهذا المنتخب موضوع لبيان ما ينبغي أن يعمل في المشاهد المقدّسة والأمكنة المشرّفة من الأفعال المرغّبة والأقوال المروية.

٩ ـ أجوبة مسائل ابن نجم الدين الأطراوي :

مسائل سألها منه قدس‌سره العالم الجليل والفقيه الكبير تلميذه السيد حسن بن أيّوب الشهير بابن نجم الدين الأطراوي ، وأجابه عنها.

وهي خمس وستّون مسألة فقهية من أبواب متفرّقة.

١٠ ـ أجوبة مسائل الفاضل المقداد :

سبع وعشرون مسألة ، سألها الفاضل المقداد بن عبد الله السّيوري من أستاذه الشهيد ، فكتب هو جواباتها.

طبعت محقّقة لأول مرّة في مجلّة « تراثنا » التي تصدرها مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.

٢٢

١١ ـ جامع البين في فوائد الشرحين :

جمع لشرحي الأخوين العالمين الفاضلين السيد عميد الدين والسيّد ضياء الدين على كتاب خالهما العلاّمة الحلّي « تهذيب الوصول الى علم الأصول ».

أضاف الشهيد إليه مطالب جديدة.

قال المحقّق الكنتوري : هذّبه وأصلحه الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي (١).

وقال المحقّق التستري : ونقل فيه ـ أي الشهيد في الجمع بين الشرحين ـ اتّفاق الفرقة على كون مذهب الصحابي ليس حجّة على غيره من الصحابة (٢).

١٢ ـ جواز إبداع السفر في شهر رمضان :

رسالة مبسوطة تعرّض فيها إلى مسألة السفر في شهر رمضان والآراء والأقوال المطروحة فيها.

قال قدس‌سره : الظاهر من مذاهب العلماء في سائر الأعصار والأمصار جوازه مع إجماعنا على كراهة ذلك .. لنا عشرون طريقا ..

١٣ ـ المسائل الأربعينيّة :

رسالة في علم الكلام ، ذكر فيها أربعين مسألة على ترتيب المعارف الخمسة.

١٤ ـ المسائل في الفقه :

مسائل مرتّبة على ترتيب أبواب الفقه ، وهي من ضمن ما جمعه ابن طيّ من فتاوى جماعة من العلماء في كتابه المعروف بـ « مسائل ابن طيّ ».

١٥ ـ تفسير الباقيات الصالحات :

شرح مختصر للتسبيحات الأربع.

قال في آخره : فهذه الكلمات تشتمل على الأصول الخمسة : التوحيد والعدل والنبوّة والإمامة والمعاد ، فمن حصّلها حصّل الإيمان وهي الباقيات الصالحات.

__________________

(١) كشف الحجب : ١٥١ ـ ١٥٢.

(٢) كشف القناع : ٣٦٣.

٢٣

أورده الشيخ الكفعمي بتمامه في حاشية الفصل الثامن والعشرين من مصباحه الكبير الموسوم بـ : « جنّة الأمان الواقية ».

١٦ ـ الوصيّة :

وصيّته لبعض إخوانه.

١٧ ـ الوصيّة بأربع وعشرين خصلة :

رسالة مختصرة ووصية حسنة للإخوان.

١٨ ـ أحكام الأموات من الوصيّة إلى الزيارة :

مرتّب على ثلاثة فصول ، يقرب من سبعمائة بيت.

نسبه إليه صاحب الذريعة (١).

١٩ ـ الأربعون حديثا :

كتاب صغير يشتمل على أربعين حديثا في العبادات العامّة البلوى ، أورد أكثرها بلا شرح أو توضيح ، واقتصر على ذكر السند تفصيلا إلى المعصوم (ع).

قال الشهيد : والداعي إلى تأليفه ما اشتهر في النقل الصحيح عن النبيّ (ص) أنّه قال : « من حفظ على أمّتي أربعين حديثا ينتفعون بها بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما » فرأيت أنّ أكثر الأشياء نفعا وأهمّها العبادات الشرعية ، لعموم البلوى إليها ، وشدّة الحثّ عليها ، فخرّجت أكثرها فيها وباقيها في مسائل غيرها.

٢٠ ـ المقالة التكليفية :

رسالة في الكلام والعقائد :

قال الشهيد في مقدّمتها : .. فهذه « المقالة التكليفية » مرتّبة على خمسة فصول : الفصل الأول في ماهيته وتوابعها ، الفصل الثاني في متعلّقه ، الفصل الثالث في غايته ، الفصل الرابع في الترغيب ، الفصل الخامس في الترهيب ..

والقول بأنّها في الأخلاق أو رسالة حديثية ـ لذكره في الفصل الرابع والخامس‌

__________________

(١) الذريعة ١ : ٢٩٤ ـ ٢٩٥.

٢٤

روايات في الترغيب والترهيب ـ غير صحيح.

٢١ ـ شرح قصيدة الشهفيني :

الشهفيني هو أبو الحسن علي بن الحسين. وقد قيل : إنّه عاملي ، وقيل : إنّه حلّي.

وعلى أيّة حال ، فقصيدته كانت في مدح أمير المؤمنين (ع) ، وهي من جملة ديوانه الكبير.

قال المحقّق التستري : .. لمّا اطّلع الناظم ـ أي الشهفيني ـ على هذا الشرح ورأى اعتناء الشهيد بقصيدته ، أعجب بالشرح ومدح الشهيد بعشرة أبيات شكره فيها على ذلك (١).

٢٢ ـ العقيدة الكافية :

رسالة صغيرة جدّا في الاعتقادات.

٢٣ ـ المجموعة :

قال المحدّث النوري : .. وهي ثلاث مجلّدات ، كالبساتين النضرة والحدائق الخضرة ، التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين ، مشتملة على رسائل مستقلّة في الأحاديث والعلوم الأدبية والأشعار والأخبار المستخرجة من الأصول والحكايات والنوادر وغيرها ، خالية عن الهزليات التي توجد في أمثالها ، نعم يوجد فيها بعض اللطائف والطرائف (٢).

٢٤ ـ خلاصة الاعتبار في الحجّ والاعتمار :

رسالة حسنة مختصرة في مناسك الحجّ.

قال الشهيد : .. فهذه الرسالة في فرض الحجّ والعمرة ، مجرّدة عن دليل ، مبنيّة على مقدّمة ومقالتين وتكميل.

أوردها العلاّمة السيّد الأمين في كتابه « معادن الجواهر » (٣).

__________________

(١) مجالس المؤمنين ٢ : ٥٧١ ـ ٥٧٢.

(٢) خاتمة المستدرك ٣ : ٣٧٢ ـ ٣٧٣.

(٣) معادن الجواهر ١ : ٢٩٦ ـ ٣٠٣.

٢٥

نقول : لا تخلو طبعتها ضمن هذا الكتاب من الكثير من الأخطاء والتصحيفات ، بالإضافة الى ما سقط من أولها وآخرها.

٢٥ ـ حاشية القواعد :

قال أحد تلامذة الشهيد الثاني في تعداد مصنّفاته : حاشية على قواعد الأحكام للعلاّمة .. مشى فيه مشي الحاشية المشهورة بـ « النجّارية » للمولى السعيد الشيخ الشهيد ، وغالب المباحث فيها بينه وبينه (١).

قال صاحب الرياض في عدّ مصنّفات الشهيد : وله أيضا حواشي القواعد الى آخر الكتاب ، سمّاها : الحواشي النجّارية (٢).

ويظهر من ذلك أنّ الحواشي النجّارية هي عين حاشية الشهيد على القواعد.

٢٦ ـ حاشية الذكرى :

نسبها صاحب الذريعة إليه وقال : وحواشي المصنّف نفسه ـ أي مصنّف الذكرى ـ إلى صلاة المسافر ، كما يظهر من حاشية البويهي (٣).

٢٧ ـ ذكري الشيعة في أحكام الشريعة‌

وهو السفر الماثل بين يدي القارئ اللبيب.

كتاب فقهي استدلالي.

خرج منه الطهارة والصلاة فقط.

وكان قدس‌سره قد عزم على إتمامه ، بدليل قوله في آخره : وليكن هذا آخر المجلّد الأول من كتاب ذكري الشيعة ، ويتلوه إن شاء الله تعالى في المجلّد الثاني كتاب الزكاة.

وقوله في ص ٨٠ ( الحجري ) ـ الفصل الرابع ، في واجبات الوضوء ، في بحث النية‌

__________________

(١) الدرّ المنثور لعليّ بن محمّد الجبعي العاملي ٢ : ١٨٦.

(٢) تعليقة أمل الآمل : ٣٦٨ ـ ٣٦٩.

(٣) الذريعة ٦ : ٨٧ وج ١٠ : ٤٠.

٢٦

ـ : .. إلاّ ما سنذكر في الحجّ والعتق إن شاء الله تعالى.

لكن استشهاده رضوان الله تعالى عليه حال دون ذلك.

وعلى أيّة حال ، فهو فقه الشهيد الاستدلالي.

وقد جاء ناظرا في الأغلب إلى كتب المحقّق والعلاّمة ، كالمعتبر والمختلف والقواعد والتحرير.

ووضعه على أساس أقوى الأدلة ـ في رأيه ـ من الكتاب والروايات ومن الإجماعات ، ومن هنا فقد كانت إجماعاته واستدلالاته موضع اهتمام الفقهاء من بعده ، ومع ذلك فقد حاول التعرض للفروع الفقهية وأدلّتها بأقلّ ما يمكنه من الألفاظ.

كما ويمتاز بأسلوبه الجميل وترتيبه البديع ، وقد أشار إلى ذلك في مقدّمته فقال : ..

أمّا بعد فهذا كتاب ذكري الشيعة في أحكام الشريعة أوردت فيه ما صدر عن سيّد المرسلين بواسطة خلفائه المعصومين ، ممّا دلّ عليه الكتاب المبين وإجماع المطهّرين والحديث المشهور والدليل المأثور ، تجديدا لمعاهد العلوم وتأكيدا لمعاقد الرسوم وتأييدا للمسائل الفقهية وتخليدا للوسائل الشرعية ، تقرّبا إلى الله بارئ البرية .. وتنتظمه مقدّمة وأقطاب أربعة ، أمّا المقدّمة ففيها إشارات سبع : الاولى : الفقه لغة : الفهم ..

الإشارة الثانية : يجب التفقّه .. الإشارة الثالثة : يعتبر في الفقيه أمور ثلاثة عشر ..

الإشارة السابعة : يجب التمسك بمذهب الإمامية لوجوه تسعة : الأول : قد تقرّر في الكلام عصمة الإمام ، والمعصوم أولى بالاتّباع. الثاني : قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ ) وغير المعصوم لا يعلم صدقه .. الثالث : قوله تعالى ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ..

وأمّا الأقطاب فأربعة : أولها العبادات .. وثانيها العقود .. وثالثها الإيقاعات ..

ورابعها السياسات ( الأحكام ) .. القطب الأول في العبادات. كتاب الصلاة .. وشروط ستّة في ستّة أبواب. الباب الأول : الطهارة .. فهاهنا فصول أربعة ، الفصل الأول ..

هذا ، وتعدّ المباحث الأصولية القيّمة التي ذكرها في المقدمة من مميّزات هذا‌

٢٧

الكتاب وإحدى خصائصه النفيسة.

وقد أشار الشهيد إلى كتاب « الذكرى » في عدّة من كتبه ، كاللمعة والدروس وأجوبة مسائل الفاضل المقداد ، بعبارات مختلفة ، مثل : حقّقناه في الذكرى ، بيّناه في الذكرى ، بيّنا مأخذه في الذكرى ، فكتبنا في ذلك ما تيسّر في الذكرى ، بسطت المسألة في الذكرى ، وقد ذكرنا الروايات الدالّة على القضاء عن الميت لما فاته من الصلوات وأحكام ذلك في الذكرى. إلى غير ذلك من الألفاظ والعبارات.

قال في الذريعة : وفرغ منه في ٢١ صفر ٧٨٤ (١).

فما في مقدّمة الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية من أنّه فرغ منه بسنة ٧٨٦ ـ أي في سنة استشهاده ، فيكون آخر مؤلفاته ـ في غير محلّه ، لا سيما وقد جاء التصريح في مقدّمة الدروس بأنّه ألّفه ـ أي الدروس ـ بعد الذكرى والبيان.

وهناك أيضا مصنّفات وآثار يشكّ في نسبتها إليه أو أنّها له ولكن بعناوين آخر ، نذكرها ـ لضيق المجال ـ على عجالة :

١ ـ الخلل في الصلاة.

٢ ـ أحكام الصلاة.

٣ ـ قصر صلاة المسافر.

٤ ـ الاستدراك.

٥ ـ الدّرة الباهرة من الأصداف الطاهرة.

٦ ـ منظومة في مقدار نزح ما يقع في البئر.

٧ ـ اللوامع.

٨ ـ شرح مبادئ الأصول.

٩ ـ غاية القصد في معرفة الفصد.

١٠ ـ تقريب المبادئ.

__________________

(١) الذريعة ١٠ : ٤٠.

٢٨

١١ ـ خلاصة الإيجاز.

١٢ ـ المعتبر.

١٣ ـ النيّة.

١٤ ـ مجموعة الإجازات.

١٥ ـ المنسك الكبير.

١٦ ـ مسائل تزاحم الحقوق.

١٧ ـ حاشية الشرائع.

١٨ ـ التهذيب في الأصول.

١٩ ـ أربع مسائل فقهية.

٢٠ ـ أجوبة مسائل محمّد بن مجاهد.

أمّا إجازاته لتلامذته ، فهي كثيرة ، إلاّ أنّ الموقوف على نصّه منها خمس إجازات :

١ ـ الإجازة لابن الخازن.

٢ ـ الإجازة لابن نجدة.

٣ ـ الإجازة لجماعة من العلماء.

٤ ـ الإجازة لولده الثلاثة.

٥ ـ الإجازة لولديه.

ولا يخفى أنّ الشهيد كان كاتبا وأديبا وشاعرا ، فشعره مع قلّته يمتاز بجمال التعبير ودقّة التصوير والرقّة وجودة الأداء ، وقد عدّ البعض من جملة مؤلّفاته : ديوان صغير يشتمل على نحو عشرين مقطوعة وقصيدة (١).

توّج حياته الشريفة وسيرته العظيمة بأفضل الموت وأحسنه ، شهادة دوّنها التاريخ بأحرف من نور ، فنال من المنزلة ما يغبطه عليها الصدّيقون والمؤمنون.

__________________

(١) محمّد رضا شمس الدين في « حياة الإمام الشهيد الأول » : ٦٥.

٢٩

قال الحرّ العاملي في أمل الآمل :

وكانت وفاته سنة ٧٨٦ ، اليوم التاسع من جمادى الاولى ، قتل بالسيف ، ثم صلب ، ثم رجم ، ثم أحرق بدمشق ، في دولة بيدر وسلطنة برقوق ، بفتوى القاضي برهان الدين المالكي وعباد بن جماعة الشافعي ، بعد ما حبس سنة كاملة في قلعة الشام .. وكان سبب حبسه وقتله أنّه وشى به رجل من أعدائه وكتب محضرا يشتمل على مقالات شنيعة عند العامّة من مقالات الشيعة وغيرهم ، وشهد بذلك جماعة كثيرة وكتبوا عليه شهاداتهم ، وثبت ذلك عند قاضي صيدا ، ثم أتوا به إلى قاضي الشام ، فحبس سنة ، ثم أفتى الشافعي بتوبته والمالكي بقتله ، فتوقّف عن التوبة خوفا من أن يثبت عليه الذنب ، وأنكر ما نسبوه إليه للتقية ، فقالوا : قد ثبت ذلك عليك وحكم القاضي لا ينقض والإنكار لا يفيد ، فغلب رأي المالكي لكثرة المتعصّبين عليه ، فقتل ، ثم صلب ورجم ، ثم أحرق قدّس الله روحه. سمعنا ذلك من بعض المشايخ ورأينا بخطّ بعضهم ، وذكر أنّه وجده بخطّ المقداد تلميذ الشهيد (١).

وهناك تفصيلات اخرى لقضية استشهاده قدس‌سره ، تعرّض لها الكثير من أصحاب التراجم وغيرهم.

كانت هذه لمحة خاطفة عن أحوال الشهيد ونشأته ورحلاته ومكانته وسيرته ومصنّفاته وخصائصه وما قيل فيه ، لو تأمّلنا فيها قصيرا لأدركنا الداعي لأن يكون قدس‌سره صاحب مرحلة كاملة من مراحل تطوّر الفقه الشيعي.

النسخ المعتمدة في التحقيق :

اعتمدنا في تحقيقنا لكتاب « الذكرى » على ما يلي :

١ ـ مصوّرة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران المركزية ، برقم ١٩٠٦ ، بخطّ حسن بن محمود ، من أول الكتاب إلى آخره ، فرغ منها في ٨ ربيع الثاني‌

__________________

(١) أمل الآمل : ١٨٢ ـ ١٨٣.

٣٠

٧٨٤. تشتمل على حواشي وبلاغات. وعليها ختم وإمضاء حجّة الإسلام السيّد محمّد باقر الموسوي الشفتي قدس‌سره.

قال في الذريعة : والظاهر أنّ الكاتب كان تلميذ الشهيد ، وكان كلّما يخرج من قلم الشهيد يستنسخه التلميذ تدريجا ، حتى فرغ الشهيد في التاريخ المذكور ـ ٢١ صفر ٧٨٤ ـ وفرغ التلميذ في نيف وأربعين يوما بعد تأليف الشهيد (١).

رمزنا لها في الهامش بحرف « م ».

٢ ـ مصوّرة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة مدرسة سليمان خان التابعة للمكتبة الرضوية المقدّسة في مشهد ، برقم ٣٦ ، بخطّ أحمد بن علي بن حيدر ، من أول الكتاب إلى آخره ، فرغ من كتابتها في مدينة دامغان سنة ٨٨٣ ، مصحّحة ومقابلة وعليها بلاغات ، يلحظ عليها خطّ الشيخ البهائي ووالده قدس‌سرهما.

رمزنا لها في الهامش بحرف « س ».

٣ ـ النسخة الحجرية المطبوعة بطهران سنة ١٢٧١ ، وهي من أول الكتاب إلى آخره.

ضمّ إليها في آخرها كتاب « تمهيد القواعد » للشهيد الثاني.

أشرنا لها في الهامش بلفظة « الحجرية ».

منهجيّة التحقيق :

اتّبعت المؤسّسة في تحقيقها لهذا السفر المبارك منهجية العمل الجماعي ، فانبثقت اللجان التالية لإنجازه :

١ ـ لجنة المقابلة : ومهمّتها مقابلة النسخ المخطوطة وتثبيت الاختلافات الواردة بينها.

وقد تألّفت من الأخوين الفاضلين : الحاج عزّ الدين عبد الملك وصاحب ناصر.

__________________

(١) الذريعة ١٠ : ٤٠.

٣١

٢ ـ لجنة التخريج : ومهمّتها تخريج الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والأقوال الفقهية واللغوية وسائر ما يحتاج إلى ذلك.

وقد تألّفت من أصحاب السماحة حجج الإسلام : الشيخ جعفر مجاهدي ، الشيخ عطاء الله رسولي ، الشيخ محمد التبريزي ، السيّد حمزة لو.

٣ ـ لجنة تقويم النصّ : وهي من أهم المراحل ، حيث يتمّ بها تمييز الراجح والمرجوح من الاختلافات الموجودة بين النسخ المخطوطة ، وتوزيع النص وتجريده من الأخطاء العلمية والنحوية والإملائية ، مع التعليق وبيان الموارد الغامضة والمبهمة وغيرها.

وقد قام بمهمّتها سماحة العلاّمة الحجّة الشيخ محمّد الباقري والأستاذ الفاضل عصام عبد السيّد.

٤ ـ المراجعة النهائية : وهي لتفادي ما قد يكون حدث من سهو أو غفلة في المراحل السابقة ، وتوحيد الجهود المبذولة أثناء مراحل العمل المختلفة ، وإضافة ما يمكن إضافته من استدراكات وتعديلات على المتن والهامش.

وقد قام بهذه المهمّة سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيّد علي الخراساني.

ولا يفوتنا أن نخصّ بالشكر سماحة العلاّمة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد علي الميلاني لما أبداه من ملاحظات قيّمة وآراء سديدة.

سائلين المولى عزّ وجلّ حسن القبول والتوفيق لبذل المزيد.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله العترة الميامين.

مؤسّسة آل البيت (ع) لإحياء التراث‌

٣٢

مصادر المقدّمة‌

١ ـ أمل الآمل ـ للحر العاملي.

٢ ـ أعيان الشيعة ـ للعلاّمة الأمين.

٣ ـ بحار الأنوار ـ للعلاّمة المجلسي.

٤ ـ تاريخ العلماء عبر العصور المختلفة ـ للحكيمي.

٥ ـ تعليقة أمل الآمل ـ للميرزا عبد الله الأفندي.

٦ ـ تكملة الأمل ـ للسيّد حسن الصدر.

٧ ـ تنقيح المقال ـ للشيخ المامقاني.

٨ ـ الحقائق الراهنة في المائة الثامنة ( طبقات أعلام الشيعة ) ـ لآقا بزرگ الطهراني.

٩ ـ حياة الإمام الشهيد الأول ـ للشيخ محمّد رضا شمس الدين.

١٠ ـ خاتمة المستدرك ـ للمحدّث النوري.

١١ ـ روضات الجنّات ـ للسيّد محمّد باقر الخوانساري.

١٢ ـ رياض العلماء ـ للميرزا عبد الله الأفندي.

١٣ ـ ريحانة الأدب ـ لمحمّد علي التبريزي المدرّس.

١٤ ـ الدرّ المنثور ـ لعلي بن محمّد الجبعي العاملي.

١٥ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ـ لآقا بزرگ الطهراني.

١٦ ـ شهداء الفضيلة ـ للعلاّمة الأميني.

١٧ ـ الفوائد الرضوية ـ للمحدّث القمّي.

١٨ ـ قصص العلماء ـ للميرزا محمّد التنكابني.

١٩ ـ كشف الأستار والحجب ـ للمحقّق الكنتوري.

٢٠ ـ الكنى والألقاب ـ للمحقّق القمّي.

٣٣

٢١ ـ لؤلؤة البحرين ـ للشيخ يوسف البحراني.

٢٢ ـ مجالس المؤمنين ـ للقاضي نور الله التستري.

٢٣ ـ مجلّة تراثنا ـ التي تصدر عن مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.

٢٤ ـ مقابس الأنوار ـ للمحقّق التستري.

٢٥ ـ معادن الجواهر ـ للعلاّمة الأمين.

٢٦ ـ معجم رجال الحديث ـ للسيّد الخوئي.

٢٧ ـ مقدّمة بر فقه شيعة ـ لحسين المدرّسي الطباطبائي.

٢٨ ـ مقدّمة الروضة البهية ـ للشيخ محمّد مهدي الآصفي.

٢٩ ـ مقدّمة رياض المسائل ـ للشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي.

٣٠ ـ مقدّمة غاية المراد ـ للشيخ رضا مختاري.

٣١ ـ مقدّمة القواعد والفوائد ـ للسيّد عبد الهادي الحكيم.

٣٢ ـ منتهى المقال ـ لأبي علي الحائري.

٣٣ ـ نقد الرجال ـ للتفرشي.

٣٤

٣٥

٣٦

٣٧

٣٨

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي شرع الإسلام ، فسهّل شرائعه للواردين ، وأوضح أعلامه للمرتادين ، وأعزّ أركانه على المغالبين ، وذلّل سبيله للطالبين. أحمده على عظيم إحسانه ، ونيّر برهانه ، وأشكره على جميل إفضاله ، وبيّن امتنانه. حمدا يكون لحقّه قضاء ، وإلى ثوابه مقربا ، وشكرا يصير لفرضه أداء ، ولحسن مزيده موجبا.

وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، شهادة يواطئ فيها السر الإعلان ، ويوافق القلب اللسان.

وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الى الخلق ، وداعية بإذنه إلى الحقّ ، اختاره من شجرة الأنبياء ، ومشكاة الضياء ، وذؤابة العلياء ، وسرة البطحاء. صلّى الله عليه وعلى أهل بيته النجباء ، موضع سرّه ، ولجأ أمره ، وعيبة علمه ، وموئل حكمه ، وكهوف كتبه ، وجبال دينه ، صلاة لا انقطاع لأمدها ، ولا إحصاء لعددها (١).

أما بعد ، فهذا كتاب ذكري الشيعة في أحكام الشريعة ، أوردت فيه ما صدر عن سيد المرسلين بواسطة خلفائه المعصومين ، ممّا دلّ عليه الكتاب المبين‌

__________________

(١) في خطبة المصنف ـ قدس‌سره ـ مقتطفات من كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، لاحظ نهج البلاغة ، الخطبة رقم ٢ ١٠٨.

٣٩

وإجماع المطهّرين ، والحديث المشهور والدليل المأثور ، تجديدا لمعاهد العلوم ، وتأكيدا لمعاقد الرسوم ، وتأييدا للمسائل الفقهية ، وتخليدا للوسائل الشرعية ، تقرّبا إلى بارئ البرية ، والله المسئول أن ينفع به الطالبين ، ويرشد اليه الراغبين ، ويجزل لنا من عطائه العميم ، وفضله الجسيم ، إنّه الجواد الكريم ذو الفضل العظيم.

وتنتظمه مقدمة وأقطاب أربعة.

أمّا المقدمة ففيها إشارات سبع :

الاولى : الفقه لغة : الفهم ، وهو : العلم ، أو جودة الذهن من حيث استعداده لاكتساب العلوم.

وعرفا : العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلّتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية.

ومن هذا يعلم موضوعه ، وهو ما عليه دليله ، أعني : فعل المكلّف من حيث هو مكلّف. ومبادئه ، وهي : ما منه دليله ، أعني : الكلام ، والأصول ، والعربية.

ومسائله ، وهي : ما لها الدليل ، أعني : مطالبه المثبتة فيه. وغايته.

والمراد بـ ( الأحكام ) : ما اقتضاه الخطاب وجودا أو عدما ـ مانعين من النقيض أو لا ـ أو تخييرا ، وهي : الوجوب ، والحرمة ، والندب ، والكراهة ، والإباحة.

ومنه يعلم رسومها.

والسببية والشرطية والصحة والفساد يرجع إلى الاقتضاء والتخيير إن جعلت أحكاما.

والمراد بـ ( الشرعية ) : ما استفيد من الشرع إما بالنقل عن حكم الأصل ، أو بالتقرير عليه ، فيدخل في ذلك ما علم بالدليل العقلي.

والمراد بـ ( العملية ) : ما يتعلّق بالعمل من الفروع.

والمراد بـ ( الأدلّة التفصيلية ) : المختصّة بكل حكم على حدته ، ويقابلها الإجمالية ، كقول المقلّد : هذا أفتى به المفتي ، وكل ما أفتى به فهو حكم الله في حقي.

٤٠